معلومات صادمة عن إنفجار مرفأ بيروت… قبطان "روسوس" يكشف!

خمس سنوات ونصف مرّت على انفجار مرفأ بيروت، ولا تزال هوية الفاعل الحقيقي يلفّها الغموض، في واحدة من أسوأ الكوارث التي عرفها لبنان في تاريخه. شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم بقيت لسنوات طويلة من دون رقابة فعّالة داخل المرفأ، قبل أن تتحوّل إلى كارثة مدمّرة طرحت أسئلة كبرى بقيت إجاباتها معلّقة، في مشهد لا ينفصل عن التعقيدات السياسية والقضائية في البلاد.

ومنذ انطلاق التحقيقات الرسمية لكشف المسؤوليات وتحديد المستفيد من وجود هذه الشحنة الخطرة في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في العاصمة، برزت عراقيل متتالية عطّلت مسار الوصول إلى الحقيقة. فكلّما حاول قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار المضيّ في التحقيق، واجه تدخلات سياسية واتهامات أدّت إلى شلل الملف لنحو سنتين ونصف، كان آخرها اتهامه بانتحال صفة محقق عدلي، وهو ما نفاه البيطار جملةً وتفصيلًا، مرفقًا ذلك بمستندات تثبت قانونية مهمته. وبين من يعتبر هذا التأخير تعقيدًا إجرائيًا، ومن يراه محاولة للتستّر على الحقيقة وفرض منطق القوة، بقي الرأي العام اللبناني منقسمًا.

في هذا السياق، تبرز شهادة قبطان سفينة روسوس، بوريس بروكوشيف، بوصفها الرواية الأكثر تفصيلًا حول مسار شحنة نترات الأمونيوم، لا سيما بعد توقيف مالك السفينة الروسي في بلغاريا قبل نحو ثلاثة أشهر.

وفي حديث إلى قناة المشهد، أوضح بروكوشيف أنّ السفينة كانت متجهة أساسًا إلى موزمبيق، ولم يكن مرفأ بيروت وجهتها النهائية. وأشار إلى أنّ التوقّف في بيروت جاء بطلب من مالك السفينة، في محاولة لتحميل بضائع إضافية، إلّا أنّه رفض ذلك بسبب الوزن الزائد الذي كان سيعرّض سلامة السفينة للخطر. وأضاف أنّ السفينة كانت تعاني من أعطال تقنية وتحتاج إلى صيانة، في ظل امتناع المالك عن دفع المستحقات ورواتب الطاقم، ما أدّى في نهاية المطاف إلى حجزها داخل المرفأ.

وأكد القبطان أنّ الجهات الرسمية في مرفأ بيروت هي التي تولّت تفريغ شحنة نترات الأمونيوم، معربًا عن صدمته من تخزينها في عنبر داخل المرفأ بدل نقلها فورًا إلى خارج المرفأ عبر شاحنات مخصّصة. وشدّد على أنّه حذّر المعنيين صراحةً من خطورة هذه المواد، ومن المخاطر الكبيرة المترتبة على تخزينها لفترة طويلة في هذا الموقع.

وأضاف بروكوشيف أنّه فوجئ لاحقًا ببقاء الشحنة داخل المرفأ لنحو ست سنوات، معتبرًا أنّ المسؤولية القانونية والأخلاقية تقع على عاتق الجهات التي قرّرت الاحتفاظ بها طوال هذه المدة، رغم التحذيرات. كما استنكر إدراج اسمه في مذكرة توقيف دولية، مؤكدًا أنّه لم يشرح له أحد طبيعة الاتهامات أو علاقته بانفجار المرفأ، وقال: “لم أفرّغ الشحنة، ولم أقرر مكان تخزينها، ولا أفهم على أي أساس أُحمَّل أي مسؤولية”.

وأشار القبطان إلى أنّه لم يتواصل مع مالك السفينة منذ مغادرتهما المرفأ، مؤكدًا أنّ القرارات التي أدّت إلى تفريغ الشحنة وتخزينها لم تكن ضمن صلاحياته أو إرادته. وختم بالقول إنّ ما جرى لم يكن ليحدث لو جرى التعامل مع الشحنة وفق معايير السلامة المعتمدة عالميًا، موجّهًا تعاطفه إلى عائلات الضحايا، ومؤكدًا أنّه لو عاد به الزمن لما قبل قيادة هذه السفينة في ظل تلك الظروف.

وتعيد هذه الشهادة تسليط الضوء على سلسلة الإهمال والقرارات التي سبقت الانفجار، وتضع مجددًا الكرة في ملعب الجهات التي أدارت المرفأ آنذاك، في انتظار حقيقة لا تزال مؤجّلة في واحدة من أكثر القضايا إيلامًا في تاريخ لبنان الحديث

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.