تبنى فصيل مسلح يُطلق على نفسه اسم "سرايا أنصار السنة"، في بيان، اليوم الجمعة، تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في حي وادي الذهب بمدينة حمص.
وتداولت وسائل إعلام رسمية تابعة للفصيل البيان الذي أكد فيه، أنه نفذ العملية بالتعاون مع جماعة أخرى لم يسمها، زاعماً أن العملية نُفذت بواسطة عبوات ناسفة زُرعت داخل المسجد يتبع لـ"النصيرية"، وهي تسمية تطلقها تنظيمات متطرفة على الطائفة العلوية. وقال إن التفجير أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، وهي أرقام تتجاوز الحصيلة الرسمية المعلنة من الجهات السورية.
ونفى الفصيل أن يكون الهجوم في حمص قد استهدف مسجداً تابعاً لأهل السنة، في خطاب ذي طابع طائفي، متوعداً بمواصلة هجماته. وكان الفصيل نفسه قد ادّعى مسؤوليته عن تفجير كنيسة مار الياس في دمشق، في حزيران/ يونيو الماضي. ولم يصدر حتى الآن أي تأكيد رسمي مستقل يثبت صحة هذا البيان أو صحة الجهة التي تقف خلفه، في وقت تواصل فيه الأجهزة الأمنية السورية تحقيقاتها لكشف ملابسات التفجير.
ارتفاع عدد الضحايا
وارتفع عدد ضحايا الانفجار الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في وقت سابق اليوم، إلى8 قتلى و18 مصاباً، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السورية، بعد ساعات من وقوع التفجير أثناء صلاة الجمعة.
وكانت وزارة الداخلية السورية قد أعلنت في حصيلة أولية عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 21 آخرين، قبل أن تحدّث وزارة الصحة الأرقام، مؤكدة أن بعض المصابين في حالة حرجة، ما يترك احتمال ارتفاع عدد الضحايا قائماً.
وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن "انفجاراً إرهابياً استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب أثناء صلاة الجمعة في شارع الخضري بحي وادي الذهب بمدينة حمص"، مضيفة أن وحدات الأمن الداخلي تحركت فوراً إلى الموقع وفرضت طوقاً أمنياً حول المسجد، فيما باشرت الجهات المختصة التحقيق وجمع الأدلة لملاحقة منفذي "هذا العمل الإجرامي".
ولم تُوجه وزارة الداخلية أصابع الاتهام إلى أي جهة بعينها، كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن
عبوة ناسفة داخل المسجد
وفي أول توضيح رسمي لطبيعة الانفجار، أعلن مدير الإعلام في محافظة حمص، أن التفجير نجم عن عبوة ناسفة وُضعت داخل المسجد. ولاحقاً، أفادت القناة الإخبارية السورية الرسمية، بأن الانفجار تم عبر عبوات ناسفة مزروعة في إحدى زوايا المسجد التي تشهد عادة ازدحاماً كبيراً بالمصلين.
ووقع الانفجار بالتزامن مع صلاة الجمعة، حين كان المسجد مكتظاً بالمصلين، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، وأغلقت السلطات مداخل ومخارج حي وادي الذهب عقب الحادث، فيما جرى نقل المصابين إلى المستشفى الجامعي في حمص، حيث وُصفت حالات بعضهم بالحرجة.
مشاهد دمار وتحقيقات مستمرة
وقال شهود عيان لـ"المدن"، إن الانفجار وقع في الجزء الخلفي من المسجد "خلف المصلين"، ما أدى إلى استشهاد خمسة مصلين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، كما أدى الانفجار إلى هدم جزء من الجدار الخلفي للمسجد، ما يرجح أن السبب بالفعل هو أكثر من عبوة ناسفة في المكان.
ونشرت وكالة "سانا" صوراً من داخل المسجد المُستهدف، أظهرت إحداها فجوة في الجزء السفلي من جدار في زاوية المسجد، وقد كسا الدخان الأسود جزءاً من الجدار وتبعثر سجاد وكتب قربه.
د
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول محلي، قوله إن الانفجار وقع أثناء صلاة الظهر، وهي من أكثر الأوقات ازدحاماً في المساجد، مؤكداً أن المنطقة طُوّقت أمنياً بالكامل، ويقع المسجد في حي وادي الذهب، الذي يقطنه في غالبيته سوريون من الطائفة العلوية.
إدانات رسمية
وأدانت وزارة الخارجية السورية بأشد العبارات، "الجريمة الإرهابية"، معتبرة أن التفجير "اعتداء صارخ على القيم الإنسانية والأخلاقية، ويأتي في سياق محاولات يائسة لزعزعة الأمن والاستقرار وبث الفوضى بين أبناء الشعب السوري". وشدد البيان على أن "مثل هذه الجرائم لن تثني الدولة عن مواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب ومحاسبة المتورطين".
ويُعد هذا التفجير، ثاني هجوم يستهدف أماكن دينية في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، بعد التفجير الذي استهدف كنيسة مار الياس في العاصمة دمشق في حزيران/يونيو الماضي.
وتأتي الحادثة في ظل تصاعد نشاط خلايا يُعتقد أنها تابعة لتنظيم "داعش"، ما يشير، وفق مراقبين، إلى أن التنظيم لا يزال يمتلك القدرة على تنفيذ هجمات نوعية، في وقت تعاني فيه البلاد من هشاشة أمنية، رغم انضمامها إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وتعاونها مع القوات الأميركية في ملاحقة التنظيم.
