كتب ابراهيم حيدر في" النهار": تضع إسرائيل سيناريوات عدة للحرب، أبرزها استهداف منطقة البقاع الذي تعتبره خزان الصواريخ للحزب وفق ما ينقل عن وسائل إعلام وتقارير سياسية وعسكرية في إسرائيل. ويتجاوز التصعيد الإسرائيلي ملف السلاح لترتفع شروط تثبيت منطقة أمنية عازلة لا تقتصر على النقالخمس المحتلة في جنوب لبنان، إنما تمتد أيضاً نحو جبل الشيخ ومناطق في الجنوب السوري، وهو ما أكده أخيراً بنيامين نتنياهو حول المنطقة المنزوعة السلاح، فيما يسعى إلى تكريس أمر واقع في لبنان.
ستكون الأيام المقبلة اختباراً لما يمكن أن تذهب إليه الأمور على الجبهة الجنوبية، وإن كانت هناك رهانات على أن تؤدي لجنة الميكانيزم دوراً في استيعاب التصعيد بعد تطعيمها بشخصيات مدنية للتفاوض، حيث يمثل لبنان فيها السفير سيمون كرم، لكن التهديدات الإسرائيلية تنذر بأخطار حرب مفتوحة، لا يبدو أن الأميركيين يضغطون لمنعها في ظل الاشتراطات القائمة على الدولة اللبنانية للسير في خطة نزع السلاح وتجريد الحزب من قوته وتقويض نفوذه. وإذا كانت الحكومة تؤكد مواصلة تنفيذ خطة حصر السلاح وتنتظر تقرير الجيش عن تقدمه في مهمته، إلا أنها لا تزال عاجزة عن حسم هذا الملف، بفعل ممانعة "
حزب الله" عن تسليم سلاحه وهو في الوقت نفسه يضع شروطاً للبحث أو النقاش في أي ترتيبات جنوباً، لكنه لا يساعد الجيش في تنفيذ مهمته كاملة، طالما أن الاحتلال لا يزال جاثماُ في النقاط اللبنانية المحتلة.
بيد أن "حزب الله" لا يجيب أيضاً عن تساؤلات حول دوره لبنانياً في انهاء الاحتلال جنوباً، وهذه هي الإشكاليه الرئيسية، حين يصر على أن إسرائيل هزمت ولم تحقق أهدافها في القضاء على المقاومة، فيما القرى المدمرة والتهجير والعدد الكبير من الضحايا لا يتوقف عند هذه الخسائر الكارثية، وما تغيّر في موازين القوى وانتهاء معادلة توازن الردع.
لا يرد الحزب أيضاً على الضربات الإسرائيلية، ربما لعدم قدرته حالياً أو أنه لا يريد الانجرار إلى أجندة التوقيت الإسرئيلية، لكن في الحالتين وهو يجاهر بأنه يعيد بناء قوته بدعم إيراني، يعرّض لبنان لمزيد من الضغوط، ويضع بيئته أمام منعطف مواجهة جديد، من دون أن يكون محصناً لبنانياً ولا يملك القدرة على إطلاق مقاومة للاحتلال طالما يستند إلى المعادلة نفسها ولا يغيّر من شعاراته السابقة بعدما أخرج مع سلاحه من مقاومة إسرائيل، فيسوّغ سرديته للانتصار، ولا يترك المجال للبنانيين شعباً ولا للدولة الملاذ والمرجعية، لابتكار أساليب جديدة ولو لاحقاً لاستعادة الأرض وإخراج الاحتلال من المنطقة الجنوبية وإعادة الإعمار، كي لا ينتظرون 25 سنة أخرى للتحرير؟
