تقرير إسرائيلي: الرائد فرحات نسّق مع الحزب ويحظى بتقدير وطني

أفاد تقرير صادر عن مركز ألما للدراسات الإسرائيلي، أعدّه الباحث تال بيري، بأن قصة الرائد محمد سامي فرحات، الضابط الشيعيّ في فوج التدخل الخامس في الجيش اللبناني، تكشف، وفق تعبيره، عن طبيعة روابط تنسيق وتعاون بين حزب الله وعدد من الضباط والعناصر الشيعة داخل المؤسسة العسكرية اللبنانية.

وبحسب التقرير، ينتشر فوج التدخل الخامس في جنوب لبنان منذ عام 2017 ضمن نطاق عمليات قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، اليونيفيل، وتندرج مهامه في إطار التنسيق مع القوة الدولية دعمًا لتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701، مع توليه حاليًا مسؤولية قضاء بنت جبيل.

وتوقف التقرير عند حادثة وقعت في 5 آذار 2023 قرب الخط الحدودي في محيط عيتا الشعب وشطولا، وقال إن مقطعًا مصورًا أظهر الرائد فرحات وهو يقف في طريق جنود إسرائيليين حاولوا نصب سياج شائك قرب الخط الأزرق، بينما كانت اليونيفيل تفصل بين الطرفين. ونقل التقرير عن فرحات قوله للجنود بالإنكليزية: "نحن ندافع عن أرضنا. هذه آخر مرة أتحدث بهذه الطريقة، ومن الآن فصاعدًا سيكون لدينا طرق أخرى للمواجهة"، قبل أن يأمر عناصره بتجهيز أسلحتهم. واعتبر التقرير أن الفيديو انتشر على نطاق واسع في أوساط مؤيدي حزب الله، الذين قدموا فرحات على أنه "بطل وطني".

وأشار التقرير إلى أن فرحات وُلد في 14 أيلول 1988 في بلدة دير قانون رأس العين، قضاء صور، والتحق بالجيش اللبناني في 6 تشرين الثاني 2006، وتدرّج في الرتب إلى أن نال رتبة رائد في 1 كانون الثاني 2022. وأضاف أنه حصل خلال خدمته على أوسمة وتنويهات من قائد الجيش اللبناني، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس الجمهورية، جوزاف عون، وفق ما ورد في التقرير.

ومع اندلاع الحرب على الجبهة اللبنانية في 8 تشرين الأول 2023، قال التقرير إن فرحات واصل خدمته في الجنوب ضمن فوج التدخل الخامس، وإن حرية الحركة النسبية في المنطقة مكّنته من التنقل. ونقل التقرير عن شقيقه علي، في مقال نشرته صحيفة "الأخبار"، أن فرحات "دخل عشرات المرات إلى قرى الخط الأمامي في مهمات لإجلاء الجرحى وأنقذ العشرات منهم"، وأنه "عرّض حياته للخطر ونجا مرارًا من القصف والاستهداف".

وفي المقابل، طرح التقرير تساؤلات حول هذه الرواية، مشيرًا إلى أن القتال أدى إلى نزوح شبه كامل من قرى الخط الأمامي، ما يثير، بحسبه، سؤالًا عن هوية "العشرات من الجرحى"، وما إذا كان فرحات قد استغل حركته لتقديم دعم لحزب الله عبر إجلاء عناصره أو نقلهم بآليات تابعة للجيش اللبناني.

وفي سياق متصل، ذكر التقرير أن سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ بعد ظهر 23 تشرين الأول 2024 غارات على مبنيين في الحي الغربي لبلدة ياطر، وهي منطقة مواجهة تبعد نحو 3.5 كيلومترات عن الحدود، حيث كان يتواجد عناصر من حزب الله. وبحسب روايته، أسفرت الضربات عن إصابة عدد من العناصر، ودفع ذلك فرحات إلى قرار تنفيذ عملية إجلاء بنفسه.

وأضاف التقرير أنه قرابة الساعة 22:30 وصل فرحات إلى الموقع على متن آلية عسكرية برفقة العريف محمد حسين نزال والعريف موسى يوسف مهنا، إلى مبانٍ قال إنها كانت تُستخدم من حزب الله، قبل أن ينفّذ الجيش الإسرائيلي غارة ثانية بعد دقائق من وصولهم إثر رصد حركة أشخاص داخل المبنيين. وذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي لم يكن على علم بوجود فرحات ورفيقيه، ما أدى إلى مقتلهم في الغارة الثانية، لافتًا إلى أن رسالة التنسيق عبر اليونيفيل، على خلاف حالات أخرى، وصلت متأخرة، بعد وقوع القتلى.

وذهب التقرير إلى احتمال أن تكون قيادة الجيش اللبناني على علم بأن المهمة كانت "مبادرة شخصية" غير مصادق عليها، وهو ما قد يفسر، وفق تقديره، عدم الإسراع في الإبلاغ عن التحرك. كما أشار إلى أن أكثر من 40 جنديًا لبنانيًا قُتلوا خلال الحرب، مرجحًا أن بعض الخسائر وقعت نتيجة أخطاء غير مقصودة، فيما ربط حالات أخرى باستخدام حزب الله للجيش اللبناني "كدرع بشري"، بحسب وصفه.

وتناول التقرير مراسم تشييع فرحات، قائلًا إن جنازته العسكرية تحولت إلى حدث واسع الحضور، وشهدت مشاركة رسمية، بينها قائد الجيش آنذاك والرئيس الحالي جوزاف عون. وأضاف أنه نظرًا لاستمرار القتال في الجنوب تقرر دفنه مؤقتًا في بلدة رشعين، قضاء زغرتا، وانطلق موكب التشييع من ساحة قصر آل فرنجية، في وقت كان سليمان فرنجية، المدعوم من حزب الله، مرشحًا لرئاسة الجمهورية، وفق ما ورد في التقرير.

ولفت التقرير إلى أن التكريم استمر لاحقًا، فخلال تشرين الأول 2025، وعلى الذكرى الأولى لمقتل فرحات، افتتح قائد الجيش الحالي العماد رودولف هيكل، برفقة قائد اليونيفيل، قاعدة جديدة لفوج التدخل الخامس في بلدة دونين حملت اسم فرحات، الذي رُقّي بعد وفاته إلى رتبة مقدم، مع تقديم الحدث على أنه تكريم للبطولة ووحدة وطنية، بحسب التقرير.

وتطرق التقرير أيضًا إلى ما وصفه بارتفاع نسبة العسكريين الشيعة داخل الجيش اللبناني، مقدرًا إياها بنحو 50 في المئة، معتبرًا أن ذلك يسهّل، وفق رأيه، وجود متعاونين مع حزب الله في رتب ووحدات مختلفة، وينعكس على قدرة الجيش على العمل باستقلالية وعلى ملف "نزع سلاح" الحزب.

وفي الشق القيادي، أشار التقرير إلى أنه في آذار 2025، وبعد تسلّم العماد رودولف هيكل قيادة الجيش خلفًا لجوزاف عون بعد تعيينه رئيسًا للجمهورية، جرى تعيين العميد نيكولا ثابت قائدًا لقطاع جنوب الليطاني ورئيسًا للوفد اللبناني في آلية مراقبة وقف إطلاق النار، واعتبر أن هذا التعيين عُدّ "تسوية" لتجنب استفزاز حزب الله، وفق ما قال.

وختم التقرير بالإشارة إلى أمثلة سابقة لضباط وجنود، خصوصًا في مديرية المخابرات، اتهمهم بالتعاون مع حزب الله، وصولًا إلى حادثة في كانون الأول 2025 قُتل فيها عنصر من الجيش اللبناني إلى جانب عنصرين من حزب الله في غارة جوية، في مشهد اختُصر بصورة ثلاثة نعوش متجاورة، ملفوفة بأعلام الحزب والجيش، معتبرًا أن الصورة تجسد سردية "الشعب، الجيش، المقاومة"، وتظهر عمق التشابك بين القرى الشيعية والمؤسسة العسكرية اللبنانية وحزب الله، وفق تعبيره.

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.