كتب جوني منير في " الجمهورية": جاء صدور بيان بعبدا قبل ساعة من بدء اجتماع لجنة «الميكانيزم»، ما يعني أنّ كرم كان لحظة صدور البيان في طريقه إلى مكان الاجتماع، وهو يحمل التوجيهات المطلوبة منه.قخلال الأسابيع الماضية، بلغت الضغوط الأميركية على لبنان مستويات متقدمة، سواء من خلال التحذير من حرب إسرائيلية وشيكة، أو من خلال توجيه اتهامات للسلطة اللبنانية والجيش بالتباطؤ في تطبيق قرار حصر السلاح بيدها. وما من شك أنّ الإعلان عن اجتماع الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بنتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي كاتس في مكتب رئيس الحكومة، أعطى انطباعاً حول أهمية المحادثات التي جرت. وفور انتهاء الاجتماع، عمدت إسرائيل إلى ممارسة ضغوط على «حزب الله» عبر نشر «معلومات» حول قيام الحزب بتصفية أربعة أشخاص «يملكون معلومات عن تورطه في انفجار مرفأ بيروت». وفي وقت التزم «حزب الله» الصمت إثر قرار بعبدا، فسّر عدد من المراقبين هذا الصمت بأنّه نتيجة «المفاجأة» التي أصابته، ما يعني أنّه لم يكن على علم مسبق بالقرار. وبالتالي، كان في حاجة إلى بعض الوقت للتشاور مع طهران قبل الإعلان عن موقفه، ولكن تحت سقف عدم التصادم مع الرئيس بري.
ويبقى السؤال الذي يقضّ مضجع اللبنانيين: هل هذا يعني أنّنا تجاوزنا خطر الحرب؟ ليس بالضرورة، يجيب مصدر ديبلوماسي أوروبي مطلع. فالتطور على مستوى التفاوض لا يلغي مطلب حصر سلاح «حزب الله» بيد الدولة اللبنانية، وأنّه لا بدّ من التزام الحزب علناً ووفق برنامج زمني بوضع المعالجة العسكرية جانباً.
ويكشف المصدر أنّ هناك توجهين داخل دوائر القرار الأميركي: الأول يدعو إلى معالجة ملف «حزب الله» بروية ووفق مسار متدرج، لكي لا يتم دفع الأمور في اتجاه انهيار الدولة في حال تم تحميلها أكبر من قدراتها، ويعتقد أصحاب هذا التوجه، وهم من الديبلوماسيين والعاملين في وزارة الخارجية، أنّه يمكن الوصول إلى تطبيق قرار حصر السلاح بالحيلة، ولو تطلّب ذلك وقتاً إضافياً. فبعد أخذ منطقة جنوب الليطاني منطقة «نظيفة»، يمكن الانطلاق عندها في اتجاه مناطق جديدة شمال الليطاني، ومن بعدها الوصول إلى مرحلة حل التنظيم العسكري.
قريباً سيلتقي نتنياهو ترامب للمرة الخامسة في أقل من سنة. ويتأرجح موعد الزيارة ما بين 20 و27 من الشهر الجاري. ولا شك في أنّ لبنان سيحتل حيزاً من هذا الاجتماع، خصوصاً أنّ نتنياهو يسعى لاقتناص ورقة انتخابية عبر تحقيق نقاط عسكرية ثمينة في لبنان، تدغدغ الشارع الإسرائيلي. وفي هذه الحالة، يصبح مفعول ما حصل في «الميكانيزم» هو تأجيل موعد التصعيد بعض الوقت لا إلغاؤه.
وكتب عمر البردان في " اللواء": لا يعني توسيع لجنة "الميكانيزم" بضم ممثل مدني من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، أن الأمور ذاهبة باتجاه خفض التصعيد، بقدر ما هي محاولة لتلمس إمكانية التفاهم بشأن النقاط الخلافية، على أمل أن يتوقف العدوان على لبنان، بعد إيجاد تفاهمات تعيد ترسيخ اتفاقات وقف إطلاق النار بين الجانبين .
ويعول الطرف اللبناني على أن يكون انضمام السفير السابق سيمون كرم إلى عضوية اللجنة، في مقابل انضمام ممثل عن الجانب الإسرائيلي، بمثابة ضخ دماء جديدة إلى "الميكانيزم" تساهم في إعادة تفعيل دورها، كي لا تبقى شاهد زور على الإجرام الإسرائيلي المتمادي.
وإذا كان رئيس الحكومة نواف سلام، أكد استعداد لبنان لـ مفاوضات فوق عسكرية مع إسرائيل، وأنّ الخطوة المتمثّلة بضمّ دبلوماسي لبناني سابق إلى لجنة الميكانيزم تأتي ضمن مسار تفاوضي غير مباشر وتحت مظلّة وطنية واضحة، فإن هذا لا يعني أن إسرائيل قد تبادر إلى خفض مستوى عدوانها على لبنان، من خلال تأكيد سلام أن بيروت تلقّت رسائل إسرائيلية عن تصعيد محتمل . وهذا يعني أن النوايا العدوانية لا زالت موجودة عند الاحتلال الذي يتحين الفرص لشن حرب جديدة على لبنان بضوء أخضر أميركي كامل .