الخطر يقترب أكثر.. آخر مستشفى في غزة على شفير الانهيار

بين أصوات القصف وشحّ الإمدادات، يواصل مجمع ناصر الطبي في خان يونس التمسك بخيط أخير من الحياة، في مواجهة ما يصفه مديره الدكتور عاطف الحوت بـ"الانهيار الوشيك". "نحن على بعد خطوة واحدة من الانهيار الكامل"، يقول الحوت، في وصف دراماتيكي لوضع المستشفى الذي يشكّل آخر معقل طبي حكومي في جنوب غزة، ويخدم أكثر من 700 ألف مواطن ونازح.

يعاني المجمع من نقص كارثي في الوقود، وأدوية أساسية شبه معدومة، ومعدّات طبية تستنزف يومًا بعد يوم، إلى جانب واقع أمني متدهور جعل الوصول إليه محفوفًا بالمخاطر. ويؤكد الحوت أن "الوقود المتوفر لا يكفي لأكثر من يومين"، ما يعني توقف غرف العمليات، والعناية المركزة، وأجهزة غسيل الكلى، وكل ما يشكّل الفارق بين الحياة والموت.

رغم أن الاحتلال الإسرائيلي لم يُدرج مجمع ناصر ضمن أوامر الإخلاء المباشرة، إلا أن وجوده في منطقة محاطة بمربعات سكنية أُخليت قسرًا جعله فعليًا تحت الحصار. شلل في حركة الإسعاف، وانقطاع المسارات الآمنة للمرضى والطاقم الطبي، كل ذلك يعزّز ما وصفه الحوت بـ"الخطر الزاحف من كل اتجاه".

يعمل المجمع حاليًا بنسبة إشغال تتجاوز 170%، مع أقسام عناية مركزة مكتظة (41 مريضًا مقابل 12 سريرًا فقط)، وطاقم طبي منهك يضطر لاعتماد "خطة تقنين مؤلمة"، بحسب وصف الحوت، تشمل إطفاء الكهرباء عن أقسام كاملة، والعمل جزئيًا خلال المساء، واقتصار العمليات على الحالات الطارئة.

ويقول الدكتور مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية، إن انهيار المجمع سيؤدي إلى "كارثة إنسانية فوق حدود التصور"، إذ لن يتبقى أي مرفق قادر على استقبال الإصابات البالغة، أو تقديم الرعاية للمرضى ذوي الحالات المزمنة والحادة، أو حتى إجراء عمليات غسل الكلى المنقذة للحياة.

منذ بداية الحرب في تشرين الأول 2023، خرج 36 مستشفى عن الخدمة، وسقط 1460 من أفراد الطواقم الطبية بين شهيد وجريح، واعتُقل نحو 600 آخرين، وفق ما تؤكده وزارة الصحة وهيئات حقوقية. ويُعد مستشفى ناصر آخر من تبقّى لتقديم الخدمات المعقدة في الجنوب، بما يشمل جراحة الأعصاب، وجراحة الأطفال، وجراحة الصدر والقلب، إلى جانب وحدات الإنعاش والعناية المكثفة.

وإذا ما توقف، سيكون أكثر من 650 ألفًا في جنوب القطاع بدون أي خدمة طبية، وسيواجه نحو 14 ألف جريح و350 ألف مريض مزمن مصيرًا محتمًا: الموت البطيء، بلا دواء ولا سرير ولا جهاز تنفس. 

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.