في ظل تصاعد التوترات في الجبهة الشمالية، حذر العقيد الاحتياطي الدكتور جاك نيريا، رئيس مجلس إدارة الأكاديمية في رمات غان وباحث كبير في المركز المقدسي للشؤون العامة والأمنية، من احتمالية انخراط "حزب الله" في الحرب الإيرانية المحتملة ضد إسرائيل، مؤكدًا أن التنظيم اللبناني قد يجرّ لبنان إلى حرب لا تحتمل تبعاتها.
وقال نيريا، المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، في حديثه لصحيفة "معاريف"، إن "الساحة اللبنانية تغلي"، مشيرًا إلى أن السلطات الرسمية في لبنان تشعر بالقلق المتزايد من احتمال أن يقحم حزب الله البلاد في نزاع إقليمي لن يكون في مقدورها تحمّل تكاليفه. وأضاف أن هذا الخطر يتزايد في ظل الانقسام الملحوظ داخل المعسكر الشيعي في لبنان، ولا سيما فيما يتعلق بالموقف من إيران.
ففي حين يرى رئيس مجلس النواب اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري، أنه لا ينبغي للبنان الانخراط في الحرب، بل ويقدّر بنسبة "200%" أن ذلك لن يحدث، فإن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم عبّر صراحةً عن استعداده لتنفيذ ما يُطلب منه من "سيده في طهران".
وأكد نيريا أن حزب الله لا يقف مكتوف الأيدي، بل يواصل استعداداته لاحتمال انخراطه في القتال، بما في ذلك إعداد "بنك أهداف" لاستخدامه في حال طُلب منه المشاركة في الحرب ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة. ورغم أن هذا السيناريو لم يتحقق بعد، إلا أن احتمالية وقوعه تزداد يومًا بعد يوم، في ظل تصاعد الضغوط على نعيم قاسم من الجناح المتشدد في الحزب، بزعامة وفيق صفا.
وأوضح أن الخطاب اللبناني الذي كان يدعو إلى نزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية، والذي كان من المفترض أن يُفعّل في 15 يونيو، قد اختفى كليًا من النقاش العام، مشيرًا إلى أن الضغوط الأميركية المستمرة لم تنجح حتى الآن في إحداث أي تغيير ملموس على أرض الواقع، حيث لا توجد مؤشرات فعلية على تطبيق أي خطوات لنزع السلاح.
وفي ما يتعلق بالانتشار الميداني، شدد نيريا على أن حزب الله لم يُخلِ مواقعه جنوب لبنان، بل عزز وجوده من خلال "مجموعات طوارئ مدنية" غير نظامية تسيطر فعليًا على المناطق الشيعية، حتى أن الضاحية الجنوبية لبيروت – المعقل الرئيسي للحزب – لا يُسمح بدخولها إلا بموافقة أمنية منه.
وفي رده على سؤال حول تأثير التطورات في إيران على حزب الله، أوضح نيريا أن قيادة الحزب تدرك تمامًا الترابط المصيري بين مصيره ومصير النظام الإيراني. ولفت إلى أنه في حال مُنيت إيران بهزيمة عسكرية، فإن ذلك سيُترجم مباشرة إلى انهيار حزب الله وربما زواله كقوة عسكرية منظمة في لبنان.
أما إذا نجت إيران من المواجهة، فإن ذلك سيعزز من مكانة الحزب ومحور "المقاومة" عمومًا.
واختتم نيريا تصريحه بالتأكيد على أن "حزب الله لن يستطيع تجاهل ما يجري لدى سيده الإيراني. وحدة المصير هذه قد تدفعه في نهاية المطاف إلى التحرك عسكريًا ضد إسرائيل"، مرجحًا أن يختار نعيم قاسم خيار الدخول في المعركة، بدلاً من أن يُنظر إليه كمن خذل المحور الإيراني في لحظة حاسمة.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى نيريا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تأخذ هذا السيناريو بجدية، حيث تشير المعطيات إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل بتعزيز قواته على الجبهة الشمالية استعدادًا لاحتمال تجدد القتال في أي لحظة