كتب وليد حسين في المدن:
تستعد لائحة "نبض البلد" لتقديم طعن بنتائج الانتخابات البلدية في مدينة صيدا، نظراً لشكوك كثيرة طالت عملية إصدار النتائج مع تهم بتلاعب في فرز أحد صناديق الاقتراع. وتكشف مصادر متابعة لـ"المدن" أن المرشحة على اللائحة آية البلولي، التي حصدت 7200 صوت، بحسب النتائج الرسمية، كانت تتصدر لائحة المرشحين الفائزين في المرتبة 14. وكانت حصة لائحة "نبض البلد" حتى الساعة الثامنة صباحاً ثمانية أعضاء فائزين. لكن فجأة انخفضت مرتبة البلولي إلى المرتبة 22 وخسرت بفارق 39 صوتاً عن آخر الرابحين على لائحة "سوا لصيدا".
المجلس البلدي الجديد
بعيداً من هذا المعطى، الذي من شأنه تغيير موازين القوى داخل المجلس البلدي، كشفت نتائج الانتخابات البلدية في صيدا حجم القوى السياسية على مستوى الأصوات من ناحية، وأظهرت تغيّراً جذرياً في تركيبة المجلس البلدي من ناحية ثانية. فللمرة الأولى في صيدا ينتج عن الانتخابات البلدية تعددية سياسية داخل المجلس البلدي قد تعيق عمله، أو تحسن الأداء، وذلك رهن الصرعات على كيفية تنفيذ المشاريع. ذاك أن جميع المجالس البلدية السابقة كانت من لون واحد، فيما المجلس الحالي متعدد الأقطاب، الحاضرة في النسيج الصيداوي.
استقرت نتائج بلدية صيدا على فوز لائحة "سوا لصيدا" (تيار المستقبل ومرعي أبو مرعي والقوات) بـ11مقعداً ولائحة "نبض البلد" (التنظيم الناصري واليسار ومجموعات 17 تشرين) بسبعة مقاعد ولائحة "صيدا بدها" (عبد الرحمن البزري ورئيس اللائحة عمر مرجان) ثلاثة مقاعد، من أصل 21 عضواً للمجلس البلدي.
المكر الانتخابي للجماعة الإسلامية
الملفت في انتخابات صيدا، ليس بروز كتلة ناخبة تمثّل الجو الإسلامي من خارج الجماعة الإسلامية، ومتحالفة معها بلدياً في لائحة "صيدا بتستاهل" (تقدر بنحو ألفي صوت)، بل "مكر" الجماعة الإسلامية" في إدارة الانتخابات. فقد تبين أن المرشحين الثلاثة الفائزون على لائحة البزري-مرجان (صيدا بدها) أدخلتهم "الجماعة" في اللحظات الأخيرة على هذه اللائحة بالخفاء. وقد صوّتت "الجماعة" لهم حصراً مستخدمة لائحة البزري-مرجان مطية لنجاح مرشحيها. وبلغ الفارق بالأصوات بين مرشحي "الجماعة" ومرشحي اللائحة نحو 3 الاف صوت.
ثاني معطى ملفت في الانتخابات نيل مرشح لائحة "نبض البلد" رامي بشاشة 10675 صوتاً متصدراً كل المرشحين. وفيما سارع البعض في صيدا لنسبه إلى "الجماعة الإسلامية" وأنه جزء من "مكرها" الانتخابي في استخدام باقي اللوائح مطية للفوز، تبيّن أن بشاشة ترك الجامعة فعلاً لا قولاً منذ مدة.
وفق مصادر "المدن" لم يكن ترشيح بشاشة على اللائحة المدعومة من النائب أسامة سعد والقوى اليسارية كمرشح متخفّي لـ"الجماعة". فصحيح أن بشاشة كان يحتل منصباً قيادياً في "الجماعة" لكنه اختلف مع القيادة منذ نحو شهرين بسبب كيفية إدارة ملف الانتخابات وتفضيل "الجماعة" التحالف مع تيار المستقبل، ووجه تهماً بالفساد لأحد القياديين فيها.
طباع يسارية وتطبّع إسلامي
وبعيداً من أن بشاشة تعهد بأن يكون ضمن فريق لائحة "نبض البلد" في حال الفوز، فهو كشخص يمكن القول عنه إنه بطباع يسارية، بمعنى انتقاد السلطة ورفض الفساد واستخدام النفوذ، وكان من ناشطي 17 تشرين. كما أنه يأتي من بيئة وطنية ويسارية قومية عربية. فوالده من مؤسسي التنظيم الشعبي الناصري وكان مسؤول الخلايا الثورية قبل الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، واغتيل حينها لدوره الحسّاس في التنظيم الناصري. لكن بشاشة تطبّع مع الجو الإسلامي منذ صغره، وهو فضلاً عن حمله شهادة في الهندسة يحمل شهادة أخرى بالشريعة الإسلامية. وتولى مسؤوليات في "الجماعة" لاحقاً.
وتضيف المصادر أن بشاشة تمكن من حصد هذا العدد من الأصوات نظراً لأنه مفوّض الكشافة المسلم في صيدا وناشط على الأرض ولديه علاقات مع جميع مكونات صيدا. وعليه حصد أصوات لائحة "نبض البلد" يضاف إليها أصوات القاعدة في "الجماعة الإسلامية" وأصوات الثنائي الشيعي وحتى أصوات بعض المحسوبين على آل الحريري في صيدا.
توزع القوى الصيداوية
المعطى الثالث في الانتخابات أن الثنائي الشيعي وزع أصواته على مرشحين في ثلاث لوائح. فقد كشفت الأرقام أن الشيعة شكلوا لائحتهم الخاصة وذهب أكثر من ألف صوت لرئيس لائحة "سوا لصيدا" مصطفى حجازي ومثلها لرئيس لائحة "نبض البلد" محمد الدندشلي ولبعض مرشحي لائحة البزري-مرجان.
على مستوى حجم القوى السياسية تظهر فوارق الأصوات بين بعض المرشحين أحجام الكتل الناخبة على الأرض. فرئيس لائحة "سوا لصيدا" مصطفى حجازي نال 9124 صوتاً، تبين أن نحو ألف منها من "الثنائي الشيعي"، وأكثر من ألف منها من رجل الأعمال مرعي أبو مرعي. ما يعني أن القوة التجييرية لـ"المستقبل" باتت تقل عن 7 الاف صوت، فيما كانت في السابق تصل إلى نحو 14 ألف صوت.
بما يتعلق برئيس لائحة "سوا صيدا" محمد الدندشلي فقد نال 8130 صوتاً، أكثر من ألف صوت منها لـ"الثنائي الشيعي". ما يعني أن القدرة التجييرية للتنظيم الناصري مع القوى اليسارية (المنضوية في مجموعة علِ صوتك) والعائلات (مثل آل الزعتري)، يصل إلى نحو 7 الاف صوت.
بما يتعلق بـ"الجامعة الإسلامية" منفردة فقدرتها التجييرية لا تحتسب في لائحة "صيدا بتستاهل" التي نال أعلى مرشح فيها مصعب الأرناؤط 5402 صوت، بل بالمرشحين الفائزين على لائحة "صيدا بدها" (مصطفى الابريق 7530صوتاً وحسن الشماس 7307 أصوات وهشام حشيشو 7242 صوتاً). فلائحة "صيدا بتستاهل" غير المكتملة تمثل الجو الإسلامي في صيدا يضاف إلىها أصوات "الجماعة". أما أصوات الأخيرة المجيرة لمرشحيها على لائحة البزري-مرجان فهي الأساس، والتقديرات أنها توازي نحو 3000 صوت.
من الدعاية إلى الفوز
البعد الآخر في انتخابات صيدا يتمثل بلائحة عمر مرجان "صيدا بدها". فطريقة تشكيل اللائحة كان مستغرباً منذ البداية. بدأت أشبه بدعاية لرئيسها عمر مرجان، الذي يملك أكبر صيدليات المدنية، بغية الدخول إلى نادي الشخصيات الصيداوية البارزة. وبرز هذا الأمر في اكتساح صوره كل اللوحات الإعلانات في صيدا، لكن من دون ماكينة انتخابية على الأرض.
ترافق بروز مرجان مع تكاثر الكلام في صيدا عن دعم سعودي له لتشكيل لائحة لتوجيه المزيد من الضربات لتيار المستقبل. لكن كان الأمر مجرد شائعات غذّتها اكتساح صور مرجان كل أرجاء المدينة. لكن بعد دخول النائب عبد الرحمان البزري على الخط اختلطت الأوراق.
بعد فرز نتائج الانتخابات انتهى الأمر بأن احتلت لائحة مرجان مكاناً من ضمن اللوائح الفائزة. والسبب لا يعود لدعم البزري لها ومدها بماكينته الانتخابية فحسب، بل لـ"مكر" الجماعة الإسلامية في ترشيح ثلاثة أشخاص محسوبين عليها في اللائحة. هذا فضلاً عن أن اللائحة نالت نصبيها من التصويت الشيعي، لأنها ضمت مرشحين من المقربين من الثنائي الشيعي من ناحية، ولأن "الثنائي" اعتمد استراتيجية تشكيل لائحته الخاصة من مرشحين من مختلف اللوائح. وعليه ثبّتت هذه اللائحة البزري بين القوى السياسية بقدرة تجييرية تزيد عن 3500 صوت، يحسب لها حساب في الانتخابات النيابية المقبلة