في تحليل مسار الحرب الإسرائيلية على لبنان بعد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار المؤقت والدخول في المفاوضات الدبلوماسية، يتضح أن قرار التصعيد العسكري هو جزء من استراتيجية تسعى إسرائيل من خلالها إلى تعزيز موقعها التفاوضي، وإبقاء الضغط العسكري والسياسي على لبنان و ««حزب الله».
والتهديد بالحصار العسكري والتوغل البري، يظهران أن إسرائيل تريد فرض واقع جديد يمكنها من تحقيق أهدافها في خفض قدرات «حزب الله» العسكرية والسيطرة على الحدود الشمالية.
وقال مصدر دبلوماسي في بيروت لـ«الأنباء»: «أسباب رفض وقف إطلاق النار من قبل نتنياهو تندرج في 3 سياقات:
أولا: تعزيز الردع الإسرائيلي، اذ تعتقد القيادة الإسرائيلية أن استمرار العمليات العسكرية سيضعف من قدرة حزب الله ويضغط على قيادته للقبول بشروط أكثر تفضيلا لإسرائيل في أي مفاوضات مستقبلية.
ثانيا: تجنب الانقسام الداخلي، كون نتنياهو يواجه ضغوطا داخلية كبيرة بسبب الانتقادات حول أدائه السياسي والعسكري. لذا، تصعيد العمليات قد يستخدم للتغطية على هذه الانتقادات وإظهار الحزم في التعامل مع المخاطر الأمنية.
ثالثا: تأثيرات دولية نتيجة قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتعمل إسرائيل على استغلال هذه الفترة التي يشهد فيها النظام الدولي انشغالا بالتحولات السياسية، لتعزيز وضعها في الشرق الأوسط قبل وصول إدارة أميركية جديدة قد تفرض رؤى جديدة للسياسة الخارجية».
وأوضح المصدر «ان التهديد بالحصار العسكري والتوغل البري يشيران إلى أن إسرائيل تفكر في خيارات أكثر عدوانية لكسر قدرة المقاومة اللبنانية. وقد يكون الحصار محاولة لعزل لبنان عن دعم خارجي، والتوغل البري سيهدف إلى السيطرة على مواقع استراتيجية أو تدمير بنى تحتية مهمة لحزب الله. ولكن هذه الخيارات محفوفة بالمخاطر، إذ إن التوغل البري سيؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وقد يؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع».
واعتبر المصدر انه «من المحتمل أن تستمر الأزمة حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية، وذلك لعدة أسباب، منها الفراغ في السياسة الدولية، اذ ان الولايات المتحدة حاليا في فترة انتقالية، ما يتيح لإسرائيل الاستمرار في التصعيد دون ضغوط كبيرة لوقف الأعمال العسكرية. كما ان نتائج الانتخابات الأميركية قد تؤدي إلى سياسات جديدة تجاه الشرق الأوسط، ما يدفع الأطراف إلى الانتظار لرؤية التوجهات الجديدة للإدارة الأميركية الجديدة، قبل الالتزام بأي اتفاقيات».
ورأى المصدر ان «التصعيد العسكري الإسرائيلي سيستمر في المرحلة المقبلة، خصوصا مع رفض نتنياهو وقف إطلاق النار المؤقت، وبدء المفاوضات الدبلوماسية لتطبيق القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته، وتهديده بالحصار العسكري ما يعني خنق لبنان لجهة وصول المواد الأساسية اليه، وأيضا التهديد بالتوغل البري. بينما تتجه الأنظار على المستوى الداخلي اللبناني إلى تداعيات اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وما سيعلنه خليفته في مراسم الدفن من مواقف حول المرحلة الحالية والتوجهات المستقبلية».