مع ترجيح عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت في الشهر المقبل، تستأنف الحركة الرئاسية نشاطها حتى وإن كانت زيارة لودريان تأتي في إطار تكرار المسعى لإنتاج رئيس للبلاد ضمن مواصفات محددة. قد لا تأتي الحركة بجديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي أو أن تجري تعديلا في المعايير المطلوبة لأي مرشح أو اسم. لكن مما لا شك فيه أن هدفها الإستطلاع ولقاء القيادات اللبنانية أو لوضع أسس جديدة للملف الذي أوكل به تمهيدا لإنجازه. لكن المطلعين على الاتصالات المعنية بهذا الملف يكادون يجزمون أن أية حركة خارجية جديدة فيه لن تحقق شيئا يُذكر ما لم تترافق مع مبادرة محلية.
إذاً ما من فكرة محددة يعمل عليها، وإنما محاولة جديدة قد يكتب لها النجاح او قد يكون مصيرها الفشل، والظاهر أن «التبليشة» داخلية، ويفترض أن يحمل الاسبوع المقبل أو الذي يليه جواً ما بعد سلسلة مشاورات يقودها المعنيون من خلال المسعى الجديد. واذا كان من واجب التذكير فإن بعض النواب المستقلين كانوا اول المبادرين إلى طرح مبادرات، والتسويق لها محليا وخارجيا من أجل إنجاز الانتخابات الرئاسية وفق قاعدة «عدم التحدي». مؤخرا، برز اسم النائب الدكتور غسان سكاف من جديد في سياق العمل على تحريك المياه الراكدة في هذا الملف. ليست المرة الأولى التي يأخذ فيها النائب سكاف على عاتقه اجتراح المبادرة، وفي المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» أن سكاف باشر لقاءات مع القوى السياسية ويستكملها في الأيام المقبلة. وهو التقى حتى الآن نصف القيادات السياسية .
ويتطلع النائب سكاف إلى انجاح مسعاه والذي يحمل عنوان « مبادرة تخفيض السقوف»، وفق ما يؤكد لـ«اللوا»، ويدعو الجميع إلى النزول عن الشجرة والوصول إلى اتفاق معين وعدم انتظار الخارج ونهاية حرب غزة والاقليم وربط الرئاسة بالمجهول، معلنا أن موقعه المستقل دفعه إلى إجراء تشاور مع الكتل النيابية وتقريب وجهات النظر لإنتاج رئيس للبلاد سريعا، لأن خطوة انتخاب رئيس الجمهورية ضرورية سواء اتجهت البلاد إلى الحرب أو الى المفاوضات.
ويرى النائب سكاف أنه في حال وقعت الحرب فإنه يفترض وجود رئيس للبلاد ورئيس لحكومة كاملة الأوصاف لادارة هذه الحرب لا سمح الله، كما من أجل التفاوض مع المجتمع الغربي، ومن الأجدى ان يكون للبنان رئيس كي تتم المفاوضات فوق الطاولة وليس تحتها، مكررا القول انه لا يجوز انتظار تطورات جديدة والمبادرة سريعا إلى انتخاب رئيس الجمهورية وذلك قبل أن تهب رياح إقليمية.
«لا يمكن فصل الحراك الخارجي في ملف الرئاسة عن المساعي الداخلية «، هذا ما يشير اليه، وإن هذه المساعي تتم بالتوازي مع الخارج، وأن هناك اجتماعا متوقعا للجنة الخماسية سواء في المملكة العربية السعودية أو فرنسا وبنتيجتها سيطلب من الموفد الفرنسي زيارة لبنان واستكمال المفاوضات لإنتاج رئيس للبلاد، ويلفت إلى أن مواصفات الرئيس وضعتها اللجنة منذ فترة وبالتالي ما من حديث عن مواصفات إنما اصرار على انتخاب رئيس الجمهورية».
ويكشف سكاف عن تنسيق مع هذه اللجنة ومع الفرقاء في الداخل، وأن الأطراف المعنية هي الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر والقوات، ومعلوم أن التقاطع بين الثنائي المسيحي أدى إلى ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، أما المقاربة الجديدة فتقوم على طرح أسماء على الثنائي الشيعي ويمكن استنتاج مع اللجنة الخماسية مجموعة من الأسماء التي تلقى التأيي،فيتم طرحها على الثنائي المسيحي واذا تم التوصل إلى اسم معين يمكن التوجه إلى مجلس النواب وطرح الاسم مع الأسماء المتداولة الأخرى، وتُعقد بعد ذلك جلسة انتخاب ودورات متتالية في مجلس النواب كي تمنح الفرصة للمرشحين.
ويشدد على رفض الاتيان برئيس تحدٍّ لأي فريق أو أن يُملي الخارج علينا أي رئيس، فالتحرك يبدأ داخليا ومن ثم نذهب إلى اللجنة الخماسية.
إلى ذلك تعتبر أوساط سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن ما من عوائق في إفساح المجال امام مبادرات محلية في الملف الرئاسي وطرح أسماء أو التداول بالأسماء المرشحة من رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون وغيرهما، في حين أن تركيز الدول المعنية بالملف الرئاسي منصب على التهدئة والعمل على منع نشوب الحرب الموسعة، ولعل هذه نقطة جوهرية في أي زيارة يقوم بها مسؤول خارجي إلى بيروت، معلنة أن الصورة تتبلور في نهاية الشهر الحالي وأوائل الشهر المقبل، وفي الوقت نفسه تدعو هذه الأوساط إلى عدم إقفال الباب أمام أي مسعى أو فرصة لإنتخاب رئيس للبلاد، معتبرة أن المسألة مناطة بتجاوب الأفرقاء معها، ولا يراد أن يتكرر طرح مبادرات من دون ان تأتي بثمار رئاسية.
يسلك مسعى النائب سكاف طريقه في خلال اجتماعاته المقبلة، على ان ضمان السير به متوقف على عدة عوامل، ومن الطبيعي أن يستحوذ على الوقت ويتحول محور أخذ ورد قبل جلاء المشهد حوله... فهل يصيب أم يخيب؟