أكد مصدر من حركة "حماس"، أن هناك إشكالية عالقة بخصوص قائمة أسماء الأسرى الفلسطينيين المنوي الإفراج عنهم، بموجب اتفاق المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في غزة، والتي نشرتها إسرائيل رسمياً بعد ظهر الجمعة، حيث تخلو من أسماء القيادات الأسيرة التي طلبت الحركة تضمينها في قائمة الـ250 أسيراً المحكومين بالمؤبد، ضمن عملية التبادل.
جلسة.. لمحاولة حل أزمة الأسماء؟
وبّين المصدر الحمساوي أن الكابينت والحكومة الإسرائيلية، رفضا قطعياً الإفراج عن أسماء مثل مران البرغوثي وأحمد سعدات وحسن سلامة وعبد الله البرغوثي وعباس السيد، إضافة إلى 5 أسرى آخرين. وأضاف المصدر أن القائمة تضمنت أسماء لم تطرحها "حماس" في مفاوضات شرم الشيخ.
وأكد المصدر أن هناك جلسة مباحثات سينظمها الوسطاء في شرم الشيخ، ليل اليوم الجمعة، لبحث إمكانية حل أزمة الأسماء بقائمة الأسرى، مبيناً أنه كانت هناك آمال في اليومين الأخيرين، بإمكانية إدراج أسماء القيادات المحكومة بالمؤبد، وذلك بعد إبداء المسؤولين الأميركيين استعدادهم لبذل الجهود لإقناع إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يحدث، بل وألقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الكرة في ملعب "حماس"، بإعلانه أخيراً أنّ القوات الإسرائيلية أكلمت المرحلة الأولى من الانسحاب إلى الخط الأصفر منتصف نهار الجمعة، وأن فترة الـ72 ساعة "قد بدأت للإفراج عن الرهائن".
ويوحي موقف ويتكوف بأن هناك انسجاماً بين الموقفين الأميركي والإسرائيلي بخصوص قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج تل أبيب عنهم، وأنه لا تعديل عليها.
حماس تتمسك بالأسرى القدامى
ورصدت "المدن" منشورا لخطيبة الأسير حسن سلامة، والذي يُعتبر أحد قادة كتائب "القسام" البارزين، طالبت فيه قيادة "حماس"، بالتمسك باسم سلامة وبقية رفاقه من الأسرى القدامى. وقد دلّ هذا المنشور على عدم رضا الحركة عن القائمة الإسرائيلية، ورفض نتنياهو التعديل عليها حتى اللحظة.
وقالت مصادر "المدن" من "حماس"، إنه لا يُعرف إلى أين تتجه الأمور، لكنها رجحت بإمكانية حصول شيء ما خلال الساعات المقبلة؛ لأن واشنطن والوسطاء يؤكدون أنه لا عودة إلى الوراء.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام عبرية، أن القائمة التي نشرتها وزارة القضاء الإسرائيلية، هي رسمية ونهائية، في إشارة إلى إصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزرائه، على رفض الإفراج عن مروان البرغوثي وأسماء أخرى؛ لاعتبارات أمنية وسياسية ونفسية.
4 أسباب.. لتعنت إسرائيل
الحال أن هناك أسباباً متعددة تقف في خلفية التعنت الإسرائيلي، أولها أن إسرائيل لا تريد منح "حماس" فرصة لتعزيز مكانتها المجتمعية والسياسية، عبر الإفراج عن شخصيات قيادية وازنة، كالقيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، خصوصاً أن هدف الخطة الأميركية في نهاية المطاف، هو إخراج الحركة من المشهد السياسي في اليوم التالي لحرب غزة.
وأما السبب الثاني فيتربط بعامل نفسي، إذ تمثل هذه الأسماء معادلة "تحدي وعناد" متبادل، ويُذكر أن القيادي القسّامي عبد الله البرغوثي صرح في السنوات الماضية من داخل سجنه، "أننا سنخرج من السجن بلحظة معينة وعندما نقرر ذلك"، وقد قال عبارته الشهيرة بالترافق مع تحريك يده بطريقة عبرت عن ثقته بتحقيق ذلك في يوم ما.
ويتمثل الدافع الإسرائيلي الثالث، في كون الشخصيات القيادية التي تصر عليها "حماس"، تتمتع بمزايا رمزية وقيادية مؤثرة، تجعلها قادرة على استعادة زخم المقاومة بوتيرة أشد وأشمل، عدا عن أن القيادات القسامية أمثال عبد الله البرغوثي وعباس السيد وغيرهما، يصنفون من قبل دوائر الأمن الإسرائيلية كـ"عقول عسكرية أشد خطورة".
في حين، نوه مصدر سياسي لـ"المدن"، بأن هناك سببا رابعاً وراء الرفض الإسرائيلي للإفراج عن هؤلاء القادة، ويكمن في أنهم يُعتبرون "أوراقاً قوية" بيد إسرائيل في المراحل المقبلة، ما يعني أنها لا تريد أن تفقد أوراقا مهمة للمقايضة والمناورة بشأن ملفات وصفات مؤجلة في وقت لاحق.
"الموازنة بين الخطورة والأمن.. وحسم الصراع"
بدورها، قالت هيئة البث العبرية، إن مسؤولاً رفيعاً في الشاباك، شارك في مفاوضات شرم الشيخ، قال خلال اجتماع الحكومة ليل الخميس: "لا أحتاج لشرح من هم هؤلاء الإرهابيون ومدى خطورتهم، لقد لاحقناهم لسنوات وسجنّاهم، لذا ناقشنا كل اسم في القائمة بدقة. نحن ندرك جيداً الثمن، لكن هذه الصفقة هي الشيء الصحيح للقيام به في الوقت الحالي". ولعل هذا المسؤول بالشاباك تطرق بذلك إلى المعيار الذي حاولت تل أبيب اتباعه في تحديد أسماء الأسرى الفلسطينيين، لاسيما معيار "المفاضلة والموازنة بين الخطورة والأمن.. وحسم الصراع"، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، نقلت قناة "كان" العبرية عما أسمته "مسؤول فلسطيني مطلع"، بأن إعادة رفات الأسرى الإسرائيليين قد تستغرق "عدة أشهر"؛ لكون "حماس" لا تعرف مواقع بعض رفات الأسرى نتيجة الحرب الطويلة، وأن هناك تعقيدات كبيرة في تحديد أماكنها. وأضافت القناة العبرية، أن هذا الأمر دفع الأطراف المتفاوضة إلى الاتفاق على آلية مشتركة إسرائيلية-فلسطينية-مصرية-قطرية-تركية، للعثور عليهم.
تلاعب إسرائيلي بالانسحاب أيضاً؟
في السياق، أكد مصدر من "الجهاد الإسلامي" ل"المدن"، أن إسرائيل لم تتلاعب بقائمة الأسرى فقط، بل أيضاً الانسحابات، إذ أن قوات الاحتلال لم تنسحب إلى خطوط تم التفاوض بشأنها في مدينة شرم الشيخ، بل إلى الخط الأصفر الذي وضعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكنه أشار إلى نقطة غامضة، بقوله إن عنصر "المفاجأة" يبقى قائماً بملف الأسرى.. وهو ما يثير علامات استفهام بشأن ما إذا كان المقصود هو امتلاك المقاومة في غزة لشيء يمكنها من المقايضة ومحاولة الإفراج عن الأسرى الذين تطالب بهم، في حال لم تتمكن من تحريرهم في المرحلة الأولى لخطة ترامب؟!