تقترب الدولة اللبنانية من فقدان سيادتها الرقمية على "داتا الانترنت"، إثر توقيعها عقداً مع شركة "ستارلينك" العالمية لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية بدلًا من الكابلات، مما تترتب عليه مخاطر محتملة، أبرزها تعطيل مشاريع "الفايبر أوبتيك" وكابلات الانترنت الأرضي التي يمتلك لبنان مراكز البيانات لها، خلافاً لـ"ستارلينك" التي لن يكون بإمكانه امتلاك مخازن بياناتها. ويهدد ذلك بتراجع السيادة الرقمية للدولة اللبنانية على بياناتها المتاحة، الأمر الذي يمنح العدو الإسرائيلي مساحةً أوسع لاختراق المنطقة وممارسة عدوانه عليها.
ويزداد الخطر مع الدعم الذي تحظى به تل أبيب من خلال حملاتٍ مالية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لشراء معداتٍ عسكرية، من بينها المسيّرات، لاستهداف الجنوب والبقاع اللبناني.
مؤتمر "خبز ونت"
ويشكّل مؤتمر "خبز ونت" السنوي، الذي افتتحت نسخته هذا العام في بيروت الأربعاء، ونظمته منظمة الحقوق الرقمية (SMEX)، مساحة لقاءٍ للأشخاص الذين يعيدون التفكير في مفاهيم القوة والتكنولوجيا والحرية في المنطقة العربية. ويُذكّر كل عام بأهمية اتصال الإنسان بالإنترنت كاتصاله بلقمة عيشه الأساسية، حيث يتضمن المؤتمر هذا العام نحو 60 جلسة موزعة على ثلاثة أيام.
وفي حديثٍ لـ"المدن"، يقول محمد نجم، المدير التنفيذي لـ(SMEX)، إن "الجلسات تتناول مختلف القضايا المرتبطة بالإنترنت، وتأثير التطوّر التكنولوجي، والبدائل الممكنة التي يمكن اعتمادها". ويضيف أن "الرسالة التي نرغب في إيصالها هي أننا ما زلنا نؤمن بإمكانية خلق بدائل، وتنظيم حلقات مناصرة، والوصول إلى نتائج أفضل في تعاملنا مع أثر التكنولوجيا على العالم العربي".
وتناول اليوم الأول من المؤتمر 30 جلسة حول مواضيع متعددة تشمل الذكاء الاصطناعي والعمل الرقمي والانحياز في الخوارزميات والعدالة الرقمية.
حوكمة الإنترنت
وضمن فعاليات اليوم الأول، برزت مخاطر السيادة الرقمية في حلقتي نقاش حول "حوكمة الإنترنت" و"كيف نتحقق من أضرار وسائل التواصل الاجتماعي أثناء النزاعات والانتخابات؟".
وتناولت الجلسة المخصصة لحوكمة الإنترنت، ملف السيادة الرقمية، والحق في الوصول الى المعلومات في العالم العربي، وهدفت إلى التعرف على مفهوم الحوكمة وضمان وجودها بما يخدم المصلحة العامة، "إضافةً إلى فهم السياسات والتشريعات المرتبطة بها، والاستفادة من أهميتها في معالجة القضايا القانونية والإطار العام لتنظيم الوصول السهل والآمن إلى الإنترنت حول العالم"، حسبما يقول المتخصص في حوكمة الإنترنت أمجد بدر لـ"المدن".
وحاولت الجلسة، مناقشة مخاطر فقدان السيادة الرقمية، ووضعت في تصرف الحاضرين توصيات ضرورية لـ"فهم آلية عمل الإنترنت لمعرفة كيفية التعامل معه بوعي ومسؤولية"، حسبما يقول مدير البرنامج الإعلامي في (SMEX) عبد الغني قطايا، مضيفاً لـ"المدن" أنه "تم التركيز في الجلسة على بدائل الإنترنت في المنطقة، في ظل هيمنة الشركات الخاصة عليه وطريقة تعاملها مع بيانات المستخدمين، التي تُستخدم أحيانًا لأغراضٍ خطيرة تصل إلى الإبادة والقتل". وشدد على "أن أهمية الحوكمة تكمن في حماية بياناتنا، ليس فقط على المستوى الفردي، بل أيضًا على مستوى المجتمع ككل".
الترويج للإبادة
من جهتها، تقول روان حدّاد، باحثة في منظمة "Ekō"، إنّ "وسائل التواصل الاجتماعي تسمح بانتشار المحتوى الضار من خلال الترويج المدفوع، إذ تجني منصّات "ميتا" أرباحًا مادية من جهات إسرائيلية تروّج لحملات تُبرّر العنف أو تحرّض على إبادة الفلسطينيين والتفجير والقصف داخل لبنان".
