كشفت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة إلى لبنان ومحادثاته مع المسؤولين اللبنانيين، أنّ أمام البلاد ثلاثة مؤتمرات من شأنها رسم ملامح مستقبله في المرحلة المقبلة. غير أنّ التمويل الذي سيحصل عليه لبنان من هذه المؤتمرات، والذي يحتاجه بشكل أساسي من أجل النهوض الإقتصادي والإعماري يرتبط بالدرجة الأولى، لا سيما من قبل الدول المانحة والمؤسسات والمنظمات الدولية المعنية، بشرط تنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة الذي أقرّته حكومة الرئيس نوّاف سلام، ووضع الجيش برئاسة قائده رودولف هيكل الخطّة لتنفيذه، إلى جانب تسريع الإصلاحات المالية والإقتصادية.
هذه المؤتمرات الثلاثة التي تنوي فرنسا مساعدة لبنان من خلال التحضير لها وتنظيمها ودعوة المجتمعين العربي والدولي اليها، على ما تقول مصادر سياسية مطلّعة هي الآتية:
1ـ مؤتمر دعم الجيش اللبناني لتأمين التمويل والقدرات اللوجستية والعتاد، الذي تنوي فرنسا الدعوة اليه خلال شهر من الآن، أي في تشرين الأول المقبل، أو في تشرين الثاني على أبعد تقدير، بحسب ما تقتضي الظروف. وتنطلق هنا من فكرة أنّ تمكين الجيش يُعزّز الأمن والإستقرار، ويُسهم في بسط سيطرته على كامل المنطقة الجنوبية. الأمر الذي من شأنه بالتالي تأمين المعطيات اللازمة لبدء "إسرائيل" انسحابها من الأراضي الجنوبية المحتلّة، وانتشار الجيش في المواقع التي ستخليها وتنسحب منها.
2ـ مؤتمر إعادة الإعمار والتعافي الإقتصادي لتعبئة الموارد اللازمة للبنى التحتية والمساكن وتحريك العجلة الإقتصادية. وهذا المؤتمر ضروري من أجل إعادة بناء كلّ ما تهدّم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. وتبدي الدول المانحة رغبتها في مساعدة لبنان في هذا الإطار. وفي اجتماعها الأخير مع الحكومة في 10 حزيران الفائت، تعهّدت فرنسا بتقديم منحة للبنان بقيمة 75 مليون دولار للمساهمة في خطة إعادة الاعمار، وقد جرى تقييم الأضرار بمبلغ 11 مليار دولار. كما أبدت كلّ الصناديق العربية اهتمامها بالموضوع. كما وقّع وزير المالية ياسين جابر في 26 آب المنصرم، مع المدير الإقليمي للبنك الدولي جان كريستوف كاريه قرضاً مقدّماً من البنك بقيمة 250 مليون دولار مخصصا لإعادة إعمار البنى التحتية في المناطق التي تضرّرت جراء الاعتداءات "الإسرائيلية" على لبنان. وهذا يعني بأنّ هذا المؤتمر قد وُضع على السكّة الصحيحة في انتظار أن تُحدّد فرنسا موعده بعد استطلاع آراء الدول المعنية به.
3- مؤتمر "بيروت 1" للاستثمار، لفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات وترسيخ ثقة المجتمع الدولي بلبنان. ومن المقرّر عقده في بيروت لكي يستعيد لبنان ثقة العالم، على أن يتمّ تحديد موعده في وقت لاحق. والتحضير لهذه المؤتمرات الثلاثة، على ما شدّدت المصادر، سيجري بالتعاون والتنسيق بين لبنان وفرنسا. كما أنّ الولايات المتحدة الأميركية والسعودية قد أبدتا رغبتهما بمدّ يدّ المساعدة للبنان لإنجاز هذه المؤتمرات تِباعاً.