براك في بيروت: لأخذ المزيد أم لمنح مكتسبات تدعم الحكومة؟

جاء في “المدن”:

لبنان مجدداً بانتظار الموفد الأميركي توم براك وما سيحمله معه. يأتي إلى بيروت ترافقه مورغان أورتاغوس، وبعدما اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بسحب السلاح وحصره بيد الدولة، وكلفت الجيش إعداد خطة تنفيذية لذلك، بالإضافة إلى تبني الأهداف الواردة في الورقة الأميركية. يحلّ باراك في بيروت بعدما زارها أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، والذي قالت عبره طهران موقفها الواضح بالإصرار على “دعم المقاومة”، ووصف حزب الله بأنه رأسمال القوة للبنان. وبما أن إيران قالت كلمتها، يبقى لبنان بانتظار الكلمة الأميركية.

ما يحمله باراك

المسار الأميركي معروف وواضح، ويتضمن تشديداً على مبدأ حصر السلاح بيد الدولة والاعتماد على الحكومة والجيش لتحقيق هذا الهدف. ولكن هل سيحمل باراك معه بعض المكتسبات للبنان، أم أنه سيحمل المزيد من الشروط أو من الإصرار على ضرورة مضي الحكومة اللبنانية قدماً في مسار تطبيق ما اتخذته من قرارات. لم يمتلك أحد من المسؤولين اللبنانيين تصورات واضحة حول ما يحمله الموفد الأميركي، بينما غالبية التقديرات تركزت على أن واشنطن تريد مواكبة المسار التطبيقي لقرارات الحكومة، بالإضافة إلى الإشادة بهذه القرارات.

كان يفترض بموجب ورقة باراك، وبعد تبني الحكومة اللبنانية لقرار حصر السلاح، أن يتم الضغط على إسرائيل لتوقف خروقاتها وعملياتها العسكرية في لبنان، الذي ينتظر حتماً، شيئاً من هذا القبيل، من دون امتلاك تقدير لحقيقة الموقف الإسرائيلي، وإذا كانت تل أبيب ستوافق على الورقة وما ورد فيها. كما أنه يُفترض بواشنطن أن تبحث في توفير المزيد من المساعدات ومقومات الدعم للبنان وللجيش بالتحديد. في المقابل، هناك معطيات أخرى تفيد بأن الموقف الأميركي سيكون واضحاً هذه المرة بضرورة الانتقال إلى المرحلة التنفيذية لعملية سحب السلاح، كي تتحرك واشنطن على خطّ توفير المساعدات والدعم والضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية.

موقف إسرائيل

ربما، سيكون اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري هو الأهم، خصوصاً أن الأخير اعتبر نفسه أنه نجح في الوصول إلى تفاهم معين مع الموفد الأميركي، ولكن فيما بعد تغيرت الظروف أو حصل انقلاب على هذا التفاهم. حسب المعلومات، يريد بري تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وسيناقش في هذه النقطة بالتحديد، علماً أنه لم يكن يعارض مسألة حصر السلاح بيد الدولة، ولديه مقاربته الخاصة لتحقيق ذلك، وهي تختلف عن المقاربة التي تعتمد على جانب صدامي، وفق وجهة نظره. لذا، فإن بري سيشدد على ضرورة انتزاع تنازلات من الإسرائيليين بعد قرار الحكومة اللبنانية، كي يتم العمل بفعالية في سبيل تحقيق بنود الورقة ومراحلها.

كل ذلك يتصل بالجانب اللبناني، علماً أن الأساس يبقى على “الضفة الإسرائيلية”، خصوصاً أنه لم يصدر أي موقف إسرائيلي يعلن تأييد الورقة الأميركية، وفي هذا السياق تشير مصادر متابعة إلى أن باراك وخلال لقاء عقده مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير في باريس، حصل منه على موافقة تل أبيب، ولكن بعدها عملت الصحافة الإسرائيلية على تسريب معلومات ومعطيات تنتقد الورقة وتعتبر أنه لا يجب أن تلتزم بها إسرائيل قبل أن يلتزم لبنان عملياً بها وينتقل إلى المرحلة التنفيذية.

ذلك بالتحديد يرتبط بالموقف الإسرائيلي، من وقف الخروقات، وبدء الانسحاب. يتعاطى الإسرائيليون مع لبنان وحزب الله بوصفهما الطرف المهزوم والذي يجب عليه تقديم كل التنازلات، بينما تنظر الحكومة الإسرائيلية إلى نفسها بأنها غير معنية بتقديم تنازلات في هذه المرحلة، لا سيما في حال بقيت الأوضاع على حالها. وبإمكان تل أبيب تنفيذ عمليات في الوقت الذي تراه مناسباً داخل لبنان، من دون أي رد عسكري من قبل الحزب. وهذه ورقة الابتزاز الأساسية التي ستبقى إسرائيل تلوح بها وتستخدمها، وتعطي لواشنطن المجال لاستخدامها كورقة ضغط على لبنان وحزب الله.

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.