براك أمام جرأة لبنانية وتعنُّت إسرائيلي

صلاح سلام- اللواء

أعاد الموفد الأميركي توم براك بعض الأمل إلى المشهد السياسي اللبناني حين أبدى تفاؤله بالخطوة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية عبر إقرار مبدأ حصر السلاح بيد الدولة. هذه الخطوة، على أهميتها، لا تكفي وحدها ما لم تقابلها إسرائيل بخطوة مماثلة، خصوصاً أنّ الاستقرار في الجنوب يبقى مهدداً بالاعتداءات والخروقات اليومية التي تمارسها تل أبيب بلا أي رادع دولي.

لقد أوضح لبنان للموفد الأميركي بجلاء أن أي حديث عن تطبيق القرار 1701 لا يمكن أن يظل منقوصاً. فوقف العمليات العسكرية الذي نصّ عليه هذا القرار منذ 27 تشرين الثاني لم يُحترم يوماً من قبل إسرائيل، التي واصلت خروقاتها الجوية والبحرية والبرية بشكل شبه يومي، في تحدٍّ سافر لسيادة لبنان وقرارات مجلس الأمن. إنّ هذه الانتهاكات لم تعد مجرد «تفاصيل ميدانية»، بل هي سياسة ممنهجة هدفها إبقاء لبنان في حالة استنزاف دائم، وكأنّ تل أبيب ترفض الاعتراف بأن المعادلة تغيّرت، وأن الدولة اللبنانية اتخذت قراراً سيادياً شجاعاً.

من هنا، جاء الموقف اللبناني حاسماً كما أبلغه الرؤساء الثلاثة لبراك: على واشنطن أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، وتضغط على حليفتها إسرائيل للالتزام الفعلي بوقف الخروقات ووقف الغارات التي تحوِّل الجنوب إلى ساحة مفتوحة للانتهاك المستمر. فالتوازن في الالتزامات هو المدخل الوحيد لبناء ثقة حقيقية، ولا يمكن للبنان أن يستمر في تنفيذ ما يُطلب منه، فيما تواصل إسرائيل خرق القرارات الدولية بلا محاسبة.

إنّ ازدواجية المعايير التي يمارسها المجتمع الدولي باتت مكشوفة. يُطلب من لبنان نزع سلاح حزب الله، وتكريس سلطة الدولة، بينما يُترك المجال لإسرائيل كي تسرح وتمرح فوق أجوائه وحدوده من دون أي مساءلة. وهذا ما يجعل القرار 1701 مهدداً بالتحول إلى مجرد حبر على ورق، إذا لم يتم التعامل مع الطرفين بمعايير متوازنة.

الأيام القليلة المقبلة ستكشف ما إذا كان التفاؤل الذي عبّر عنه براك مجرد كلام ديبلوماسي للاستهلاك الإعلامي، أم أنه يعكس إرادة أميركية فعلية في كبح جماح إسرائيل وإجبارها على احترام القانون الدولي. لبنان قام بخطوته الأولى بكل جرأة، وعلى إسرائيل أن تتوقف عن غطرستها وتنفّذ التزاماتها، وإلا فإن الاستقرار سيظل رهينة العدوانية الإسرائيلية، وغياب الإرادة الدولية لمواجهتها.

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.