“الحزب” يقفل باب التسويات مع العهد والحكومة

كتبت منال زعيتر في “اللواء”:

لم يكن بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» مجرّد ردّ سياسي على قرار الحكومة اللبنانية القاضي بوضع مهلة زمنية لسحب سلاح حزب الله، بل جاء بمثابة إعلان مواجهة مفتوحة مع الحكومة والعهد وكل المؤيدين لهما في الداخل والخارج… تقول مصادر سياسية رفيعة المستوى في «الثنائي الوطني» ان الكتلة رفعت سقف الاتهام إلى الحد الأقصى، معتبرة أن الحكومة ارتكبت «الخطيئة الكبرى» عبر قرارها الذي وصفته بأنه تواطؤ مع العدو وانصياع كامل وغير مبرر للإملاءات الأميركية، التي لا تراعي سوى المصلحة الإسرائيلية… وعلى هذا الأساس، كشفت المصادر، وللمرة الأولى، ان بيان الكتلة هو إلغاء لأي غطاء داخلي وحتى خارجي للقرار «غير الوطني» الذي يناقض الميثاق والدستور اللبناني بحسب وصفها، وهو إعلان رسمي من قبل حزب الله عن إقفال باب التسويات مع الحكومة، إلّا إذا تراجعت عنه.

الأخطر وفقا للمصادر، أن البيان ضرب شرعية الحكومة والعهد برمّته، ووضعهما في خانة «التواطؤ» ضد المقاومة، بهذا المعنى، فان المواجهة لم تعد بين حزب الله والحكومة والعهد حول بند السلاح فقط، بل تحوّلت إلى صراع سياسي شامل يهدّد بنسف أي أرضية مشتركة للحوار في لبنان.

وعلى هذا الأساس، أكدت المصادر، انه حتى الساعة، لا مؤشرات على إمكان التوصل إلى أي تسوية أو صيغة وسطية للحل… إذ ان حزب الله ببيانه، أقفل الباب أمام مبادرات «النص نص» كما يقال التي كانت تطرح في الكواليس «دون كشف المصادر عن مضمونها»، وفتحه على مرحلة مواجهة مفتوحة بين المقاومة والحكومة، قد تطاول شرعية العهد ككل.. وهو ما يؤكد بحسب المصادر أن الملف بات مفتوحا على احتمالات أكثر تعقيداً.

واعتبرت المصادر، انه رغم محاولات رئيس الجمهورية التقرّب من حزب الله عبر إيفاد مستشاره العميد اندريه رحال للقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، إلّا انه لا بوادر حتى الآن لأي تسوية أو مخرج توافقي بين بعبدا وحارة حريك.

وكشفت المصادر ان رسائل وتبريرات رئيسي الجمهورية والحكومة بخصوص قرار سحب سلاح حزب الله لم تقنع الثنائي، وانتهت جميع لقاءات الموفدين واتصالاتهم معه برسالة واحدة مفادها: عودة الحكومة عن هذا القرار، وبعدها لكل حادث حديث.

وعليه، فان هناك تخوّفا جديّا لدى المصادر من ان ما يجري بين الحكومة والمقاومة سيفتح الباب أمام تدويل جديد للأزمة اللبنانية إذا لم تتوفر الحلول المناسبة، وسيضع الجيش والبلد في نهاية المطاف أمام خطر التقسيم الجديّ، فقرار الحكومة مهما جرى تجميله، فانه يمثل برأي الثنائي الوطني خرقاً واضحاً لمقدمة الدستور ووثيقة الوفاق الوطني والبيان الوزاري، فضلاً عن مساسه بحق اللبنانيين المشروع في الدفاع عن النفس بوجه الاحتلال والاعتداءات، ولا يراعي المصلحة الوطنية العليا ويخدم الحسابات الإسرائيلية قبل أي اعتبار آخر.

وفيما حذّرت المصادر، من ان استمرار غياب الحلول والتسويات قد يؤدي الى عواقب لا تحمد عقباها «وهذا الكلام لا يأتي في إطار التهديد أو التهويل، إنما في إطار تسمية الأشياء بأسمائها»، أكدت في المقابل على ضرورة تحلّي الجميع بالوعي والحكمة لدرء الخطر الذي يتهدّد لبنان وشعبه ومقاومته، مجدّدة الدعوة للحكومة والعهد بالعودة الى رشدهما السياسي والتراجع عن هذا القرار… وبعدها يمكن أن نلتقي جميعا للتباحث والاتفاق على خطة استراتيجية وطنية شاملة للدفاع عن لبنان.

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.