مادلين تحت الهجوم الإسرائيلي في عرض البحر

أقدمت القوات الإسرائيلية في ساعات الفجر على مهاجمة سفينة "مادلين" التي تحمل مساعدات إنسانية متجهة إلى قطاع غزة. وخلال الهجوم، استخدمت طائرات مسيّرة إسرائيلية مواد كيميائية قابلة للاشتعال ألقتها فوق السفينة، ما تسبب بصعوبات حادة في التنفس للطاقم وحالات اختناق في صفوف النشطاء وسط ظروف بحرية بالغة الخطورة.

وقد وصف النشطاء على متن السفينة هذا الاعتداء بأنه عمل إرهابي تمارسه إسرائيل في المياه الدولية، مشيرين إلى أن حياة الطاقم باتت مهددة بشكل جدي مع استمرار التصعيد العسكري في عرض البحر. ورغم الهجوم والحرب النفسية والمناورات التي يتعرض لها النشطاء، أكدت الناشطة ياسمين من على متن "مادلين" أن الطاقم مستمر في الإبحار نحو غزة طالما أن المحرك يعمل، معتبرة أن مهمتهم تمثل وعداً وواجباً تجاه أهالي غزة المحاصرة.

وفق مصادر قانونية متخصصة في القانون الدولي البحري والقانون الإنساني، فإن ما تقوم به إسرائيل يشكّل خرقاً صريحاً للاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث أن اعتراض سفينة مدنية تبحر في المياه الدولية وتحمل مساعدات إنسانية دون أن تشكل تهديداً أمنياً، يُعتبر فعلاً غير مشروع ويرقى إلى أعمال القرصنة البحرية.

في المقابل، تواصل إسرائيل تبرير هذا الحصار تحت مسمى "الاعتبارات الأمنية"، رغم أن الحصار البحري على غزة تعرّض في السنوات الماضية لسلسلة إدانات دولية من مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة وهيئات حقوقية عديدة، واعتُبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني الذي يحرّم استخدام الحصار كوسيلة عقاب جماعي ضد السكان المدنيين أو تجويعهم.

وتعيد هذه العملية إلى الأذهان ما جرى عام 2010 حين اعترضت إسرائيل سفينة "مرمرة" التركية وقتلت عدداً من النشطاء في المياه الدولية، في واقعة أدانها المجتمع الدولي واعتبرها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

وفي تطورات متسارعة، عاودت القوات الإسرائيلية مهاجمة السفينة مجدداً، وسط أنباء عن شروع الاحتلال باعتقال النشطاء المتواجدين على متن "مادلين"، وقد تم تداول مقاطع مصوّرة عبر منصة X توثق لحظات الاعتداء وبدء السيطرة على الطاقم. وفي الساعات الأخيرة، صعدت قوات الاحتلال إلى ظهر السفينة بشكل كامل، وانقطع البث عن النشطاء بشكل كامل، ما يثير المخاوف بشأن مصيرهم بعد السيطرة الكاملة على السفينة في عرض البحر. 

وإذ أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية رسمياً أن جيش الاحتلال سيطر بشكل كامل على سفينة "مادلين"، وتم اقتيادها إلى الموانئ الإسرائيلية، ادّعت إسرائيل نيتها ترحيل النشطاء الذين كانوا على متن السفينة. وفي السياق نفسه، أفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مصدر عسكري أن السلطات باشرت التحقق من هويات النشطاء تمهيداً لاستجوابهم في قاعدة تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي في ميناء أسدود، مع الإشارة إلى أن القارب يسير حالياً نحو الشواطئ الإسرائيلية، ومن المتوقع لاحقاً إعادتهم إلى بلدانهم بعد انتهاء إجراءات التحقيق. 

تبقى الأنظار متجهة إلى مصير الطاقم في الساعات المقبلة، وسط تصعيد خطير يجري في المياه الدولية. المعركة مستمرة، والتطورات مفتوحة، والعالم كله يشهد هذا المشهد الذي سيكتب في سجل الحصار الطويل على غزة.

  • A-
  • A+

© Lebanese Citizens News. All rights reserved.