-->

هل يشارك لبنان في إعمار سوريا؟

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

في المرحلة السابقة، واثناء وجود بشار الاسد في سدة الرئاسة السورية، ترددت معلومات عن تحضيرات وتصورات، لاعادة اعمار سوريا، التي دمرها النظام بالقصف والبراميل المتفجرة، والقتل والاغتيال على نطاق واسع، تولت ايران من خلال تمدد حرسها الثوري ومليشياتها المذهبية في مفاصل سوريا، الترويج للحصول على الحصة الكبيرة من كعكة الاعمار، مقابل تأهب روسيا للفوز بنسبة كبيرة من خلال تواجدها العسكري القوي،الذي انقذ النظام من السقوط وايران من الهزيمة على يد المعارضة السورية سابقاً، بينما طُلِبَ من اتباع النظام السوري في لبنان، الاستعانة برجال اعمال ومقاولين بارزين موالين لهم، تحضير انفسهم لاعطائهم، حصة وازنة من عملية اعادة الاعمار، مكافأة لهم على التزامهم بتأييد سياسة تحالف الاسد وايران في قمع الثورة وقتل المعارضين ضد النظام، بكل اسلحة وادوات القتل طوال المرحلة الماضية، كما تأييد ودعم التسلط والهيمنة على لبنان.

سارت الامور على هذا المنوال طوال السنوات الماضية، وكان حلفاء النظام السوري وايران، يتباهون بوعود مشاركتهم باعمار سوريا، مقابل استبعاد المعارضين اللبنانيين لنظام الاسد وايران، الى ان انقلبت الامور رأساً على عقب بعد السقوط المدوي لنظام الاسد وتولي احمد الشرع الرئاسة السورية،وامساكه بالسلطة في وقت قياسي، والانفتاح على الدول العربية، والعديد من دول العالم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الاميركية، ونجاحه بلقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب خلال زيارته للخليج العربي، والحصول منه قرار برفع العقوبات الاميركية عن سوريا باسرع وقت ممكن.

هذا التسارع بالمتغيرات والوقائع، اثار الحديث مجددا عن عملية اعادة اعمار سوريا التي تفتقر الى مشاريع حيوية وبني تحتية حديثة في مختلف الحقول، لتعويض عقود من الاهمال وعدم مواكبة حركة تكاثر السكان وتزايد حاجاتهم الحياتية، والدول والجهات التي بامكانها القيام بهذه الورشة الضخمة لتشمل سوريا كلها، وامكانية مشاركة لبنان فيها، من خلال شركات مقاولات لبنانية مشهود لها في الداخل والمنطقة العربية عموما.

تربط جهات سياسية امكانية مشاركة مقاولين لبنانيين باعادة اعمار سوريا، اولاً بنجاح السلطة اللبنانية في صياغة علاقات جيدة مع الادارة السورية الجديدة، والانفتاح عليها، بمعزل عن رفض اواعتراض اي جهات سياسية او حزبية، مثل حزب الله لهذه السياسية، تحت اي ذريعة كانت، وثانيا يتعلق بالمسار الداخلي اللبناني ومدى قدرة السلطة على التجاوب مع مطالب المجتمع الدولي، وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية، لتحقيق التقدم المطلوب منها، في استكمال مطلب نزع سلاح حزب الله وبسط سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية.

ليس هذا فحسب، اذ ان عملية اعادة عمار سوريا، لا تتوقف على صياغة علاقات جيدة مع لبنان ودول اخرى، وانما لها ارتباط وثيق بالدول والصناديق التي تقدم الاموال والمساعدات المطلوبة لتمويل هذه العملية،والشروط المرفقة والتسهيلات الممنوحة لها، ويبدو ان الشركات الاميركيةهي الطامحة لتولي اعادة اعمار سوريا، ومن بعدها الشركات العربية،التي تحظى بالاولوية، لاسيما اذا تم تمويل المشاريع المطروحة، من الهبات والقروض الميسرة من دولها، وبعدهاالشركات التركية، نظرا للعلاقات الجيدة بين تركيا والادارة السورية الجديدة، و قد تكون حظوظ المقاولين اللبنانيين متواضعة اومحدودة، اومن خلال الشركات الاميركية والعربية.

أحدث أقدم