سلام: الودائع وإعادة الإعمار والقرار 1701 ضمن البيان الوزاري
.jpeg)
وأضاف سلام، الذي حاوره كلّ من رئيس تحرير جريدة "المدن" الزميل منير الربيع، ونائب رئيس تحرير صحيفة "النهار" نبيل بو منصف، ومسؤول تحرير مكتب صحيفة "الشرق الأوسط" في بيروت ثائر عباس، أنّه لم ينقطع يومًا عن لبنان وحياته السياسيّة، وأنّ عودته اليوم أتت لوجود "فرصة جديدة أمام البلد يجب ألّا تُفوَّت". وأوضح: "كنتُ محاميًا عن لبنان في الخارج، وما يدفعني إلى المجيء اليوم هو أنّ للبنان فرصة حقيقيّة للنهوض".
تأليف الحكومة ومعايير التمثيل
وفي معرض حديثه عن تأليف الحكومة والّتي كانت المحور الأوّل من اللقاء، أشار سلام إلى أنّ بعض الجهات التي لم تشارك فيها حاولت فرض معاييرها عليه، لافتًا إلى أنّ "التيّار الوطنيّ الحر" اعتمد معيار حجم كتلته وكيفيّة تمثيلها، ما صعّب التعامل معه. كما ذكر أنّ هناك إشكالًا مع "تكتّل الاعتدال" بشأن التمثيل المناطقي، إذ طالب هذا التكتّل بأسماء معيّنة في حين أنّه طرح أسماء ذات كفاءة أعلى.
وأوضح سلام أنّ الحكومات السابقة تحوّلت إلى حكومات "شلل وطنيّة" لا تُحاسِب أيّ جهة فيها، مشدّدًا على ضرورة تعزيز مبدأ فصل السلطات وحياديّة الحكومة. وأكّد أنّه سعى إلى تشكيل حكومة من غير الحزبيّين، معتبرًا أنّ الأحزاب جزء أساسيّ من الحياة الديمقراطيّة، لكنّ الخوف كان من تحوّل الحكومة إلى ساحة صراعات، في وقت تنتظرها مهام كبيرة.
وتابع سلام مبيّنًا أنّ "معيار التيّار الوطنيّ الحرّ لتمثيله كان حجم كتلته النيابية، ونحن لم نكن نعتمد هذا المعيار". كما شدّد على أنّه "لا يوجد أيّ عُرف يقول إنّ وزارة المالية للشيعة، ومن الخطأ الحديث عن وزارات سياديّة، فكلّ الوزارات سياديّة بالنسبة إليّ".
ولفت سلام إلى أنّ هذه الحكومة "تأسيسيّة" تهدف إلى إعادة وضع البلاد على سكّة الدولة، مشدّدًا على أنّه لا يجوز حصر وزارة معيّنة بطائفة دون أخرى، ولا يمكن اعتبار أيّ وزارة "محرّمة" على أيّ طائفة، مؤكّدًا مرّة أخرى أنّ جميع الوزارات سيادية. أما بالنسبة إلى "تكتّل الاعتدال"، فقال الرئيس سلام: "كان هناك إشكال حول التمثيل المناطقي الذي طالبوا به، وطرحتُ عليهم أسماء ذات كفاءة أعلى من تلك التي عرضوها عليّ". وأكّد الرئيس سلام أنّه لا توجد وزارة حكرًا على طائفة، ولا وزارة ممنوعة على طائفة، مشيرًا إلى أنّ جميع الوزارات هي وزارات سياديّة، ولافتًا إلى أنّ تصنيف الوزارات الأربع على أنّها محصورة بالطوائف الأربع الكبرى هو تقليد جديد لا يتناسب مع تاريخ البلد.
واعتبر رئيس الحكومة أنّ أبناء الجنوب، بعد الحرب، رأوا أنفسهم مجروحين، ويجب مراعاة هذه الجروح وتضميدها، ولو تمّ تغيير وزير المالية لاعتُبر ذلك انقضاضًا سياسيًّا على الطائفة الشيعية، مشدّدًا على ضرورة ألّا يشعر أيّ فريق بأنّه منكسر، ومؤكّدًا في الوقت نفسه أنّ وزارة المالية ليست حكرًا على الشيعة في اتفاق الطائف، ولا يوجد أيّ عرف يكرّس ذلك.
تطبيق القرار 1701
وأوضح أنّ الحكومة ستحصّن نفسها بالارتكاز على ثقة المواطنين، وستكون بمثابة حكومة انتقاليّة لبناء الدولة والمؤسّسات. كما لفت إلى أنّ البيان الوزاري سينصّ على تطبيق القرار 1701 ووقف إطلاق النار وإعادة الإعمار، مشيرًا إلى خوفه من تحوّل الحكومة إلى ساحة صراعات، في حين أنّ المهام الملقاة على عاتقها جسيمة.
وشدّد سلام على العمل لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في موعده أو قبل الموعد المحدّد، مؤكّدًا الضغط عبر الأطر الدبلوماسيّة على إسرائيل. وأوضح أنّ لبنان قام بدوره كاملًا في تطبيق القرار 1701 وآلية المراقبة، مشيرًا إلى أنّه "لا تقصير أبدًا في التزاماتنا"، وأنّه يعوّل على دور الحكومة الجديدة في ترميم الثقة الداخليّة والخارجيّة بالبلاد.
وأشار إلى أنَّ لجنةَ البيانِ الوزاريّ اجتمعت اليوم بعدَ الظهر، وأنَّ البيان سيردُّ على التحدّيات التي يواجهُها البلد. والتحدّي الأوّل الذي نواجهُهُ هو استمرار الاحتلال الإسرائيليّ وإعادة الإعمار. ولا بدَّ من التأكيد على التنفيذ الكاملِ للقرارِ 1701، وعلى تفاهماتِ وقفِ إطلاق النار، والالتزام بعمليّة إعادة الإعمار. وهناك تحدّياتٌ أُخرى تتعلّق بالإصلاح الماليّ والاقتصاديّ والإصلاح السياسيّ، وهما متلازمان. وقال: "ومن هنا أردتُ أنْ أُطلِقَ على هذه الحكومةِ عنوانَ الإصلاحِ والإنقاذِ".
شمال وجنوب الليطاني سيّان
وأشار الرئيس سلام، في ما يتعلّق بموضوع السلاح في شمال وجنوب الليطاني وعلى امتداد مساحة لبنان من النهرِ الكبيرِ إلى الناقورةِ، إلى أنَّ ما يجبُ تطبيقُهُ في هذا الخصوصِ هو ما وردَ في وثيقةِ الوفاقِ الوطنيِّ، التي تنصُّ على بسطِ سلطةِ الدولةِ اللبنانيّةِ بقواها الذاتيّةِ على كاملِ أراضيها، وهذا قبلَ القرارِ 1701 وقرارِ وقفِ إطلاقِ النارِ الأخيرِ وأيِّ شيءٍ آخرَ. أمّا منطقةُ جنوبِ الليطاني فهي منطقةٌ منزوعةُ السلاحِ. وقد تذاكينا في السنواتِ الماضيةِ، وهذا ما جعلَنا ندفعُ الثمنَ الغاليَ، ولا سيّما أهلَنا في الجنوب الذين دُمِّرتْ قراهم. ونحنُ، لذلكَ، ملتزمونَ بإعادةِ بناءِ ما تهدّمَ. أمّا بالنسبةِ إلى الإصلاحات الاقتصاديّة، فإنَّ ما نريدُ شطبَه هو الكلام عن شطبِ الودائع، ونودُّ شطب هذه الفكرة، معتبرين أنَّ البيان الوزاريّ سيتضمّنُ مسألة الودائع.
صفحة جديدة
واعتبر الرئيس سلام أنّ الناسَ تفاءلوا ورأَوا صفحةً جديدةً فُتحت مع انتخاب الرئيس جوزاف عون، ومع خطاب القسم وتشكيل الحكومة. ولكنَّ عمر هذه الحكومة نحو شهر، وهذا الوقتُ القصير لا يبدِّد شعورَ عدمِ الثقة. و"على الناسِ أن تصبر علينا ثمّ تُحاسِبَنا على التنفيذ، وأنا واثقٌ بأنّنا سننفّذ. وما يهمُّنا هو أن نبقى على قدرِ طموحات الناس والشباب. أمّا بالنسبةِ إلى الإصلاحاتِ الاقتصاديّة، فإنّ ما نريدُ شطبَهُ هو الكلامُ عن شطبِ الودائع، ونودّ شطبَ هذه الفكرة، معتبرينَ أنّ البيانَ الوزاريَّ سيتضمّنُ مسألةَ الودائع".
القضاء والعدل
وأكّد سلام أنّ الدولة تكون قويّة بمقدار استعادة ثقة المواطنين، ومن دون إعادة العافية إلى القطاع المصرفي لن تكون هناك استثمارات، وبالتالي لن تتوافر الودائع. من هنا تأتي ضرورة إعادة هيكلة المصارف وتعزيز الثقة بها باعتبارها ركيزة أساسيّة للنموّ الاقتصادي في البلاد، هذا بالإضافة إلى العمل بجدّيّة على استقلاليّة القضاء.
وأضاف: "من دون قضاءٍ مستقلّ، لا حماية للحريّات ولا ضمانة لأيّ حقٍّ من حقوق الناس ولا استثمارات. لذلك، ينبغي أن تبدأ الخطوة الأولى باستعادة الثقة بالدولة، التي لا يمكن أن تتحقّق إلّا من خلال استقلاليّة القضاء، بوصفه نقطة تقاطع بين الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة المطلوبة والإصلاحات السياسيّة. وإنّ استقلاليّة القضاء لن تتحقّق إلّا عبر إنشاء السلطة القضائيّة المستقلّة. وعلينا أن نعي أنّ القضاء العدليّ والقضاء الإداريّ والقضاء الماليّ يشكّلون معًا السلطة القضائيّة".
وأكدّ على ضرورة استكمال الإصلاحات التي نصّ عليها اتّفاق الطائف، إذ إنّ التأخّر في تطبيق اللامركزيّة الإداريّة الموسّعة أدّى ببعضهم إلى الميل نحو الفيدراليّة. وللأسف، هناك عمليّة تخويف من تشكيل الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطائفيّة السياسيّة. وشدّد سلام على أهميّة تحصين الدستور وتفسيره وإبعاده عن التجاذبات السياسيّة ومفهوم الأكثريّة والأقلّيّة.
وقال:" هناك مجموعة من الأولويّات الأفقيّة قبل الأولويّات العموديّة، وكلّها ملفّات مُلحّة. ومن حقّ المواطنين الحصول على 24 ساعة من التيّار الكهربائيّ، والأهمّ هو تشكيل الهيئة الناظمة التي لم تتشكّل حتّى اليوم، علمًا بأنّه علينا البدء بتشكيل الهيئات الناظمة وملء الشواغر في المراكز الإداريّة. ونحن مُلزَمون بالمناصفة في وظائف الفئة الأولى، وعلينا العودة إلى مجلس الخدمة المدنيّة وتنظيم المباراة الوظيفيّة، وتفعيل الأجهزة الرقابيّة، واعتماد آليّات واضحة وشفّافة في التعيينات وملء الشواغر".
العلاقات الدوليّة
واعتبر أنّه "علينا أن نضع خطة لعودة السوريين، ويجب أن نذهب إلى سوريا لنعالج الملفات العالقة". وتابع: " كنت مع الرئيس جوزاف عون أثناء اتصاله بالرئيس السوري أحمد الشرع وأكّدت للأخير أنني أودّ زيارة سوريا قريبًا".
وعن أن يكون لبنان سيد نفسه من دون تقييده بعلاقات ورهانات خارجية قال سلام:"للأسف على الخمسين والستين السنة الماضية جربنا رهانات خارجية عدة وكان هناك استقواء بالخارج سعيا لقلب موازين القوى، وأعتقد اننا راهنا بما فيه الكفاية على القوى الخارجية وحان الوقت لنراهن على بعضنا البعض وعلى الدستور وعلى اتفاق الطائف لإعادة بناء الدولة، ثم نرمم علاقاتنا مع العالم العربي التي ساءت كثيرا في السنوات الماضية، لكنها عادت مع تشديد قادتها على ضرورة إنجاز الاصلاح والصناديق العربية جاهزة للمساعدة، ولذلك علينا تعزيز مصالحة لبنان مع محيطه لان لا مستقبل له خارج محيطه العربي كما عليه استعادة ثقة العالم".
وعن موقف لبنان تجاه المشروع الإسرائيلي في القضاء على الدولة الفلسطينية والمدعوم من الإدارة الأميركية وكيف يحصن لبنان نفسه لرد هذا المشروع قال سلام:" أنا استهجن هذا الكلام ووليس مجرد التفكير بنقل سكان غزة إلى مصر والاردن هي مسألة خيالية بل نقلهم إلى الضفة الغربية مستهجن وغير مقبول لا اخلاقيا ولا سياسيا ولا قانونيا، وكيف يمكن انشاء دولة فلسطين في المملكة العربية السعودية، وهذا نواجهه بمزيد من التضامن العربي الكفيل بوقف هكذا مشاريع ومنع تنفيذها، ومبادرة السلام العربية انطلقت من بيروت وهي تقوم على حل الدولتين، ولا حل الا بذلك، وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره".
وعن علاقات لبنان مع سوريا وما يحصل على الحدود أوضح سلام ان "هناك مجموعة قضايا بين لبنان وسوريا، اولها تثبيت الحدود بين البلدين، وثانيا مسألة النازحين السوريين في لبنان، فبعد تغيير النظام في سوريا هناك أفق لعودتهم إلى بلدهم وعلينا وضع خطة لهذه العودة بالتعاون مع المجتمع الدولي في ظل الظروف الجديدة في سوريا التي تسمح بذلك، وهذا يتطلب العمل بين الحكوميين اللبنانية والسورية، وقريبًا سنزور سوريا لمعالجة كل هذه الملفات وهناك استعداد لدى السلطات السورية الجديدة للتجاوب في هذا الاطار".
العلاقة مع سوريا
وعن الفرص التي يمكن ان يبنيها لبنان وسوريا معا في شأن الاستثمارات والإعمار واعادة النازحين، أوضح سلام" ان المسالة تتطلب حوار بين لبنان وسوريا على مختلف الملفات وهي اليوم قابلة للحل او المعالجة اكثر من السابق. اما بالنسبة لموضوع علاقات لبنان مع دول الخليج، هذا الامر بحاجة إلى ترميم كي نستطيع الاستفادة من الخدمات الاستثمارية".
وقال:" هناك فرصة جديدة أمامنا ونحن والعرب على خط واحد"
وعن موضوع تمويل الإعمار في الجنوب، اكد رئيس الحكومة ان هذا" وعد والتزام، انه التزامنا تجاه اهلنا في الجنوب وسوف نسعى لتحقيقه وهذا يتطلب دعم عربي ودولي، وفي المرحلة الاولى علينا اخراج اسرائيل من الجنوب وتامين شروط استقرار هناك يتطلب استكمال تنفيذ القرار 1701 ووقف الأعمال العدائية، بعدها ندخل فورا إلى موضوع اعادة الإعمار وهذا التزام، وحينها يمكننا التوجه إلى إخواننا العرب والى المنظمات الدولية من اجل حشد الاموال الضرورية للإعمار". لافتا إلى أن تقديرات البنك الدولي منذ فترة قصيرة أشارت إلى ان كلفة الإعمار هي بين 8 و 9 مليار دولار، انما للأسف اليوم ارتفعت إلى 10 او 11 مليار دولار".
وعن إمكانية ان يكون هناك قانون انتخاب جديد، قال: "على الصعيد الشخصي هذا القانون الانتخابي لا يرضيني، انه تشويه لكل ما قمنا فيه في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخاب وكنت حينها اميناً للسر".
وشدد الرئيس سلام على" أننا نحصن انفسنا من خلال ثقة الناس التي يجب ان نستردها، وثقة الشباب فهذا البلد لهم. فخطاب قسم الرئيس نحن سنساعد في بنائه وهذا الأمر لا يمكن ان يحصل بيوم والشباب هم جزء من هذه الورشة".
وحول اشتراطه ان يكون الوزير من خريجي الجامعة الامريكية، أوضح انها" مسالة أسيء فهمها والبعض حاولوا الاصطياد في المياه العكرة، طبعا لم اقل هذا الكلام، وانا احد خريجي الجامعة اللبنانية فكيف أقول كلاما يسيء اليها".
وعن رؤيته الخاصة للإنقاذ، اجاب:" كنت لمدة عشر سنوات سفيرا للبنان ومحام عنه في الامم المتحدة، وعندما كنت في محكمة العدل الدولية ومن خلال الملفات التي كانت امامي، بقيت قريبا من هموم المنطقة. ما جعلني أكون هنا هو ثقتي في هذا البلد والفرصة الني رايتها متاحة امامه، وهذه الفرصة اصبحت مضاعفة مع انتخاب الرئيس عون وخطاب القسم، إضافة إلى الثقة التي وجدتها في المواطنين".
وأردف:" لقد وقعت مع فخامة الرئيس على مرسوم تشكيل الحكومة المؤلفة من 24 وزيرا وكلنا حكومة واحدة متضامنة، وكل كلام عن التعطيل هو من السابق"
وعن قدرة الحكومة على تعزيز دور المرأة، ان المرأة تشكل نصف المجتمع وكان من المفترض ان "نعمل" احسن. مشيراً إلى أنه و"في القانون الانتخابي الذي كنا وضعناه مع الوزير الراحل فؤاد بطرس، اشرنا إلى ضرورة ان تضم تركيبة كل لائحة ثلث مقابل ثلثين والحرية للناخب بان يختار ما يناسبه، وهذا ما يسمى بالتمييز الإيجابي".
وختم بالقول :"أنا سعيد أن تكون مقابلتي الاولى عبر شاشة تلفزيون لبنان الذي يجب ان يستعيد دوره ونامل ان يعود إلى تألقه، ولاستعادة ثقة المواطنين علينا مصارحتهم عبر التواصل معهم من خلال وسائل الاعلام".