ليل الجمعة - السبت الفائت، خرج عدد من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت بأطفالهم نحو منطقة الجبل، من دون أن تكون لديهم وجهة محددة يقضون ليلتهم فيها. عدد قليل ركن سياراته في بلدة بيصور وبات ليلته داخلها بحسب شاهد عيان من أبناء القرية. آخرون اتصلوا عند منتصف الليل بوسطاء عقاريين يطلبون المساعدة في تأمين منزلٍ في الحال.
هكذا بدأت تستقبل بلدات الجبل موجةً جديدة من النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف المبنيين السكنيين في شارع القائم. وكان الأسبوع الثقيل على أهل الضاحية الجنوبية بدأ مع مجزرتي الـ«بايجر» واللاسلكي يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، من دون أن تسفرا عن حركة نزوحٍ جدّية. فاقتصرت عمليات الانتقال من الضاحية إلى خارجها على من كانوا قد استأجروا خلال موجات النزوح السابقة منازل في مناطق تُعد آمنة، ولا يزالون يحتفظون بها. غير أن غارة الجمعة شكّلت بداية حركة نزوح جديدة لمسها الوسطاء العقاريون. ففي غضون يومين تلقّى سمسارٌ يعملُ في نطاقِ منطقة عاليه نحو 80 اتصالاً من سكان في الضاحية.
وأكّد زميل له لـ«الأخبار» أنّ «الشقق السكنية ذات الإيجارات المقبولة، بدأت تنفد بسبب الطلب الكبير» الذي «يتركز على مناطق أعالي الشويفات وبشامون وعرمون والبساتين، التي تقع في أعالي عرمون. وبالدرجة الثانية على مساكن في بلدات بيصور وعاليه وقبرشمون ومحيطها، حيث الشتاء أشد قسوة لجهة الطقس ومستلزمات التدفئة». إلا أن «هذه الجزئية لم تمنع عدداً كبيراً من النازحين من استئجار منازل في تلك المناطق، إذا لم يكن لديهم خيار مناسب في مناطق أخرى»، وفق سامر، الوسيط العقاري الذي عمل مع النازحين خلال موجات النزوح المتعددة، لافتاً إلى أنّ «الإيجارات هذه المرّة أكثر مراعاةً مقارنةً بالسابق».ويُجمع أكثر من وسيط عقاري على أنّ إيجارات المنازل المفروشة (غرفتي نوم) تراوح بين 500 و700 دولار، وهو بدل لم يكن وارداً لدى أصحاب المنازل المعروضة للإيجار في فترة الصيف، بعد اغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر، في 30 تموز الفائت. أما الشقق غير المفروشة فتراوح بين 220 و300 دولار، دون أن يخلو الأمر من بعض تجار الأزمات.
حركة النزوح لحظها كذلك العاملون في مكاتب سيارات الأجرة، إذ يقول صاحب أحد المكاتب إنه تلقّى 30 طلباً في غضون ساعتين فقط من استهداف المبنى السكني في منطقة القائم، أغلبها من عائلات فضّلت الخروج من الضاحية خوفاً من تكرار سيناريو استهداف المدنيين، وجاء عدد أقل من الطلبات من عائلات فلسطينية - سورية، تقطنُ في مخيّم برج البراجنة، قررت الانتقال المؤقت إلى سوريا هرباً من احتمال توسّع الحرب.