يخرق الحراك الذي يقوم به «الحزب التقدمي الاشتراكي» الجمود السياسي في لبنان، تحديداً الاتصالات واللقاءات التي يعقدها مع خصومه من الأفرقاء السياسيين، كان آخرها اللقاء الذي جمع الأربعاء رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط ووفداً حزبياً مع رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان، بعد أيام على اللقاء الذي جمع «الاشتراكي» برئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية والنائب طوني فرنجية.
يطرح هذا الحراك الذي سيشمل في الأيام المقبلة كتلتي «الطاشناق» و«الاعتدال الوطني»، علامات استفهام عدّة، لا سيما وأنه يأتي في ظل وضع أمني لبناني متوتّر جنوباً وتصلّب سياسي بين مختلف الأفرقاء يحول دون القدرة على إنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ حوالي سنة وأربعة أشهر. وهي القضايا التي تشكّل البنود الأساسية على طاولة اللقاءات، لكن «البحث في رئاسة الجمهورية لا يزال في مراحله الأولى ولم يصل إلى مرحلة تحديد الخيارات، بل لا نزال في مرحلة خلق المناخات وتحضيرها للاستحقاق الرئاسي»، وهو ما يؤكد عليه أمين سر «كتلة اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن في رد على سؤال حول إمكانية أن تبدّل كتلة «اللقاء الديمقراطي» موقفها لجهة دعم فرنجية بعدما كانت قد أعلنت رفضها هذا الأمر، وعمدت إلى التصويت لمرشح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور.
وفي حين يضع أبو الحسن اللقاءات التي يعقدها «الاشتراكي» ضمن سياق الانفتاح والتواصل على كل القوى في محاولة لتوفير مناخ وطني جامع، يعد أن «الاستعصاء هو عنوان المرحلة في الملف الرئاسي والتوافق الوطني لا يزال بعيداً».
مع العلم أن حراك «الاشتراكي» اليوم هو الثاني من نوعه منذ الفراغ الرئاسي، حيث كان قد عمل بداية العام الماضي على مبادرة طرح خلالها ثلاثة أسماء للرئاسة هم قائد الجيش العماد جوزيف عون والوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين، قبل أن يعود ويتفق مع المعارضة على دعم أزعور، في مواجهة مرشح «حزب الله» وحلفائه الوزير السابق سليمان فرنجية.
ورغم حديثه عن «استعصاء سياسي»، لا يزال «الاشتراكي» يعوّل على إيجاد مساحات مشتركة للوصول إلى إنهاء حالة الشغور وتشكيل حكومة، وعدم البناء على نتائج الحرب على غزة، حسب ما يؤكد أبو الحسن، ويقول: «المطلوب من الأفرقاء ملاقاتنا عند منتصف الطريق وإيجاد مساحة مشتركة بين اللبنانيين»، مضيفاً: «إذا كان هناك من يراهن على نتائج الحرب على غزة فلنتذكر في النهاية أن الاستحقاق محكوم بواقع سياسي برلماني، حيث الكتل النيابية هي التي ستنتخب الرئيس».
ولا يبدو، حتى الساعة، أن المعارضة التي دعمت أزعور مع «الاشتراكي» تتخوّف من تبدّل موقف الأخير لجهة دعم فرنجية، وهو ما تعبّر عنه مصادر في حزب «القوات اللبنانية» ومصادر في حزب «الكتائب اللبنانية»، وتقول الأخيرة: «نحترم حركة كل فريق سياسي ولا نحكم مسبقاً على النتائج، لذا لا نتخوف من شيء وربما على الفريق الآخر التخوف من هكذا لقاءات، على كل حال لم نتبلغ بأي تبدل في أي توجه لجهة التراجع عن دعم أزعور لصالح أي مرشح آخر».
بدورها، تعد مصادر «القوات» أن ما يقوم به «اللقاء الديمقراطي» ليس جديداً، بل هو استكمال لمبادرات كان قد قام بها عندما جال على الكتل النيابية وطرح لائحة بأسماء ثلاثة مرشحين وما يقوم به هو جزء من تموضعه. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن الاشتراكي يقوم بمبادرات من أجل كسر حدة الاصطفافات، انطلاقاً من المصطلحات التي يستخدمها هو، وفي الوقت نفسه موقفه واضح بأنه لا يزال في الموقع نفسه، لكن أهمية هذا الدور تكمن في أنه يظهر بل يؤكد من هو الفريق المتصلب برأيه، الذي يرفض الذهاب إلى خيار ثالث، أي فريق الممانعة، الذي يتسبب بإطالة الفراغ الرئاسي، وبالتالي ستكون نتيجة حراك (الاشتراكي) كسابقاتها».
وعما إذا كانوا يتخوفون من تبدل موقفه، تقول المصادر: «هذا الأمر يعود لقرار كل فريق، لكن حتى الآن موقف (الاشتراكي) واضح ولما علينا أن نكون في موقع المشكك، خصوصاً وأن الحراك الذي يقوم بها تؤكد على أهمية اللقاءات الثنائية للبحث في الاستحقاق الرئاسي وليس بالحوار كما يدعو إليه الفريق الآخر».